غلام عندك لبن تسقينا؟ " فقلت إني مؤتمن ولست بساقيكما، فقالا هل عندك من جذعة لم ينز عليها الفحل بعد؟ قلت نعم! فأتيتهما بها، فاعتقلها أبو بكر، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الضرع فدعا فحفل الضرع، وجاء أبو بكر بصخرة متقعرة فحلب فيها. ثم شرب هو وأبو بكر وسقياني، ثم قال للضرع: أقلص أقلص. فلما كان بعد، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: علمني من هذا القول الطيب - يعني القرآن - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك غلام معلم " فأخذت من فيه سبعين سورة ما ينازعني فيها أحد (1). فقوله في هذا السياق وقد فرا من المشركين ليس المراد منه وقت الهجرة، إنما ذلك في بعض الأحوال قبل الهجرة. فإن ابن مسعود ممن أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة ورجع إلى مكة كما تقدم، وقصته هذه صحيحة ثابتة في الصحاح وغيرها والله أعلم.
[وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بمن مصعب بن عبد الله - هو الزبيري - حدثني أبي عن فائد مولى عبادل قال خرجت مع [إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة فأرسل] إبراهيم بن عبد الرحمن بن سعد حتى إذا كنا بالعرج أتى ابن سعد - وسعد هو الذي دل رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق ركوبه (2) - فقال إبراهيم] أخبرني] ما حدثك أبوك؟ قال ابن سعد:
حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم ومعه أبو بكر - وكانت لأبي بكر عندنا بنت مسترضعة - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الاختصار في الطريق إلى المدينة، فقال لها سعد: هذا الغائر (3) من ركوبه وبه لصان من أسلم يقال لهما المهانان. فإن شئت أخذنا عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " خذ بنا عليهما " قال سعد فخرجنا حتى إذا أشرفنا إذا أحدهما يقول لصاحبه هذا اليماني. فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الاسلام فأسلما، ثم سألهما عن أسمائهما فقالا: نحن المهانان. فقال: " بل أنتما المكرمان " وأمرهما أن يقدما عليه المدينة فخرج [نا] حتى إذا أتينا ظاهر قباء فتلقاه بنو عمرو بن عوف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أين أبو أمامة أسعد بن زرارة؟ " فقال سعد بن خيثمة. إنه أصاب قبلي يا رسول الله أفلا أخبره ذلك؟ ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا طلع على النخل فإذا الشرب مملوء، فالتفت رسول الله إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر هذا المنزل. رأيتني أنزل إلى حياض كحياض بنى مدلج " انفرد به أحمد (4)