حتى زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أبو بكر فأظله بردائه، فعرفناه عند ذلك. وقد تقدم مثل ذلك في سياق البخاري وكذا ذكر موسى بن عقبة في مغازيه. وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم ثنا سليمان [بن المغيرة]، عن ثابت عن أنس بن مالك. قال: إني لا سعى في الغلمان يقولون:
جاء محمد، فأسعى ولا أرى شيئا، ثم يقولون: جاء محمد، فأسعى ولا أرى شيئا، قال: حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر. فكمنا في بعض خراب (1) المدينة، ثم بعثا رجلا من أهل البادية يؤذن بهما الأنصار فاستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار حتى انتهوا إليهما فقالت الأنصار:
انطلقا آمنين مطاعين. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بين أظهرهم، فخرج أهل المدينة حتى أن العواتق (2) لفوق البيوت يتراءينه يقلن: أيهم هو؟ أيهم هو؟ فما رأينا منظرا شبيها به. قال أنس:
فلقد رأيته يوم دخل علينا ويوم قبض. فلم أر يومين شبيها بهما ورواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن محمد بن إسحاق الصنعاني عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بنحوه - أو مثله (3) - وفي الصحيحين من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء عن أبي بكر في حديث الهجرة. قال: وخرج الناس حين قدمنا المدينة في الطرق وعلى البيوت والغلمان والخدم يقولون: الله أكبر جاء رسول الله، الله أكبر جاء محمد، الله أكبر جاء محمد، الله أكبر جاء رسول الله. فلما أصبح انطلق وذهب حيث أمر (4). وقال البيهقي أخبرنا أبو عمرو الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي: سمعت أبا خليفة يقول سمعت ابن عائشة يقول: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جعل النساء والصبيان يقلن:
طلع البدر علينا * من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا * ما دعا لله داع (5) قال محمد بن إسحاق: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما يذكرون يعني حين نزل - بقباء على كلثوم (6) بن الهدم أخي بني عمرو بن عوف ثم أحد بني عبيد، ويقال بل نزل على سعد بن