بياضة تلقاه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو في رجال من بني بياضة فقالوا: يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة؟ قال: " خلوا سبيلها فإنها مأمورة " فخلوا سبيلها. فانطلقت حتى إذا مرت بدار بني ساعدة اعترضه سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو في رجال من بني ساعدة فقالوا: يا رسول الله هلم إلينا في العدد والمنعة. قال " خلوا سبيلها فإنها مأمورة " فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا وازت دار بني الحارث بن الخزرج اعترضه سعد بن الربيع وخارجة بن زيد وعبد الله بن رواحة في رجال من بني الحارث بن الخزرج فقالوا: يا رسول هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة.
قال: " خلوا سبيلها فإنها مأمورة " فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا مرت بدار عدي بن النجار - وهم أخواله - دنيا أم عبد المطلب، سلمى بنت عمرو إحدى نسائهم، اعترضه سليط بن قيس وأبو سليط أسيرة بن خارجة (1) في رجال من بني عدي بن النجار فقالوا يا رسول الله هلم إلى أخوالك إلى العدد والعدة والمنعة؟ قال: " خلوا سبيلها فإنها مأمورة " فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار بركت على باب مسجده عليه السلام اليوم، وكل يومئذ مربدا لغلامين يتيمين من بني مالك بن النجار، وهما سهل وسهيل ابنا عمرو، وكانا في حجر معاذ بن عفراء.
قلت: وقد تقدم في رواية البخاري من طريق الزهري عن عروة أنهما كانا في حجر أسعد بن زرارة والله أعلم.
وذكر موسى بن عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في طريقه بعبد الله بن أبي بن سلول وهو في بيت.
فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أن يدعوه إلى المنزل - وهو يومئذ سيد الخزرج في أنفسهم - فقال عبد الله: أنظر الذين دعوك فأنزل عليهم فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفر من الأنصار. فقال سعد بن عبادة يعتذر عنه: لقد من الله علينا بك يا رسول الله وإنا نريد أن نعقد على رأسه التاج ونملكه علينا (2).
قال موسى بن عقبة: وكانت الأنصار قد اجتمعوا قبل أن يركب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عمرو بن عوف فمشوا حول ناقته لا يزال أحدهم ينازع صاحبه زمام الناقة شحا على كرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له، وكلما مر بدار من دور الأنصار دعوه إلى المنزل فيقول صلى الله عليه وسلم: " دعوها فإنها مأمورة فإنما أنزل حيث أنزلني الله " فلما انتهت [الناقة] إلى دار أبي أيوب بركت به على الباب فنزل فدخل بيت أبي أيوب حتى ابتنى مسجده ومساكنه.