قالوا بل من هامها العظمى. قال أبو بكر: فمن أي هامتها العظمى [أنتم] فقالوا (1) ذهل الأكبر، قال لهم أبو بكر: منكم عوف الذي كان يقال [له] لا حر بوادي عوف؟ قالوا: لا.
قال فمنكم بسطام بن قيس: أبو اللواء (2) ومنتهى الاحياء؟ قالوا: لا. قال فمنكم الحوفزان بن شريك قاتل الملوك وسالبها أنفسها؟ قالوا: لا. قال فمنكم جساس بن مرة بن ذهل حامي الذمار ومانع الجار؟ قالوا: لا. قال فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا: لا. قال فأنتم أخوال الملوك من كندة؟ قالوا: لا. قال فأنتم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا: لا. قال لهم أبو بكر رضي الله عنه: فلستم بذهل الأكبر، بل أنتم [من] ذهل الأصغر. قال فوثب إليه منهم غلام يدعى دغفل بن حنظلة الذهلي - حين بقل (3) وجهه - فأخذ بزمام ناقة أبي بكر وهو يقول:
إن على سائلنا أن نسأله * والعبء لا نعرفه أو نحمله (4) يا هذا إنك سألتنا فأخبرناك، ولم نكتمك شيئا، ونحن نريد أن نسأل فمن أنت؟ قال رجل من قريش. فقال الغلام: بخ بخ أهل السؤدد والرئاسة، قادمة العرب وهاديها (5) فمن أنت من قريش؟ فقال له رجل من بني تيم بن مرة. فقال له الغلام: أمكنت والله الرامي من سواء الثغرة؟ أفمنكم قصي بن كلاب الذي قتل بمكة المتغلبين عليها وأجلى بقيتهم وجمع قومه من كل أوب حتى أوطنهم مكة ثم استولى على الدار وأنزل قريشا منازلها فسمته العرب بذلك مجمعا، وفيه يقول الشاعر:
أليس أبوكم كان يدعى مجمعا * به جمع الله القبائل من فهر فقال أبو بكر لا. قال فمنكم عبد مناف الذي انتهت إليه الوصايا وأبو الغطاريف السادة؟ فقال أبو بكر: لا. قال فمنكم عمرو بن عبد مناف هاشم الذي هشم الثريد لقومه ولأهل مكة، ففيه يقول الشاعر:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجاف سنوا إليه الرحلتين كليهما * عند الشتاء ورحلة الأصياف كانت قريش بيضة فتفلقت * فالمخ خالصة لعبد مناف الرايشين وليس يعرف رايش * والقائلين هلم للأضياف