كريم أتحبين أن أزوجك به؟ قالت نعم. قال أدعيه لي فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه. فجاء أخوها عبد بن زمعة من الحج فجعل (1) يحثي على رأسه التراب. فقال بعد أن أسلم: لعمرك إني لسفيه يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة. قالت عائشة: فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج في السنح. قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيتنا واجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء، فجاءتني أمي وأنا لفي أرجوحة بين عذقين يرجح بي فأنزلتني من الأرجوحة ولي جميمة ففرقتها ومسحت وجهي بشئ من ماء، ثم أقبلت تقودني حتى وقفت بي عند الباب وإني لأنهج حتى سكن من نفسي، ثم دخلت بي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على سرير في بيتنا وعنده رجال ونساء من الأنصار، فأجلستني في حجرة ثم قالت: هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهم، وبارك لهم فيك. فوثب الرجال والنساء فخرجوا وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا ما نحرت علي جزور، ولا ذبحت علي شاة. حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دار إلى نسائه، وأنا يومئذ ابنة تسع سنين (2). وهذا السياق كأنه مرسل وهو متصل لما رواه البيهقي: من طريق أحمد بن عبد الجبار، حدثنا عبد الله بن إدريس الأزدي (3) عن محمد بن عمرو، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب. قال: قالت عائشة: لما ماتت خديجة جاءت خولة بنت حكيم [إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم] فقالت: يا رسول الله ألا تزوج؟ قال: ومن؟
قالت إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا. قال من البكر ومن الثيب؟ قالت أما البكر فابنة أحب خلق الله إليك [: عائشة]، وأم الثيب فسودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك. قال: فاذكريهما علي (4). وذكر تمام الحديث نحو ما تقدم. وهذا يقتضي أن عقده على عائشة كان متقدما على تزويجه بسودة بنت زمعة، ولكن دخوله على سودة كان بمكة، وأما دخوله على عائشة فتأخر إلى المدينة في السنة الثانية كما تقدم وكما سيأتي. وقال الإمام أحمد: حدثنا أسود حدثنا شريك عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: لما كبرت سودة وهبت يومها لي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لي بيومها مع نسائه. قالت وكانت أول امرأة تزوجها بعدي. وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر حدثنا عبد الحميد حدثني شهر حدثني عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب امرأة من قومه يقال لها سودة وكانت مصبية، كان لها خمس صبية - أو ست - من بعلها مات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما يمنعك مني؟ " قالت والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحب البرية إلي، ولكني