محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن العباس. قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا أرى لي عندك ولا عند أخيك منعة فهل أنت مخرجي إلى السوق غدا حتى نقر في منازل قبائل الناس " وكانت مجمع العرب. قال فقلت هذه كندة ولفها وهي أفضل من يحج البيت من اليمن وهذه منازل بكر بن وائل، وهذه منازل بني عامر بن صعصعة، فاختر لنفسك؟
قال فبدأ بكندة فأتاهم فقال ممن القوم؟ قالوا من أهل اليمن. قال من أي اليمن؟ قالوا من كندة. قال من أي كندة؟ قالوا من بني عمرو بن معاوية، قال فهل لكم إلى خير؟ قالوا وما هو؟
قال: " تشهدون أن لا إله إلا الله وتقيمون الصلاة وتؤمنون بما جاء من عند الله ". قال عبد الله بن الأجلح: وحدثني أبي عن أشياخ قومه أن كندة قالت له: إن ظفرت تجعل لنا الملك من بعدك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الملك لله يجعله حيث يشاء " فقالوا لا حاجة لنا فيما جئتنا به. وقال الكلبي فقالوا: أجئتنا لتصدنا عن آلهتنا وننابذ العرب، الحق بقومك فلا حاجة لنا بك.
فانصرف من عندهم فأتى بكر بن وائل فقال ممن القوم؟ قالوا من بكر بن وائل. فقال من أي بكر بن وائل؟ قالوا من بني قيس بن ثعلبة. قال كيف العدد؟ قالوا كثير مثل الثرى. قال فكيف المنعة؟ قالوا لا منعة جاورنا فارس فنحن لا نمتنع منهم ولا نجير عليهم. قال: " فتجعلون لله عليكم إن هو أبقاكم حتى تنزلوا منازلهم، وتستنكحوا نساءهم، وتستعبدوا أبناءهم أن تسبحوا الله ثلاثا وثلاثين، وتحمدوه ثلاثا وثلاثين، وتكبروه أربعا وثلاثين " قالوا ومن أنت؟ قال أنا رسول الله. ثم انطلق فلما ولى عنهم قال الكلبي: وكان عمه أبو لهب يتبعه فيقول للناس لا تقبلوا قوله، ثم مر أبو لهب فقالوا هل تعرف هذا الرجل؟ قال نعم هذا في الذروة منا فعن أي شأنه تسألون؟ فأخبروه بما دعاهم إليه وقالوا زعم أنه رسول الله، قال: ألا لا ترفعوا برأسه قولا فإنه مجنون يهذي من أم رأسه. قالوا قد رأينا ذلك حين ذكر من أمر فارس ما ذكر.
قال الكلبي: فأخبرني عبد الرحمن المعايري (1) عن أشياخ من قومه قالوا: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بسوق عكاظ، فقال ممن القوم؟ قلنا من بني عامر بن صعصعة. قال من أي بني عامر بن صعصعة؟ قالوا (2): بنو كعب بن ربيعة. قال كيف المنعة [فيكم]؟ قلنا لا يرام ما قبلنا، ولا يسطلي بنارنا. قال فقال لهم: " إني رسول الله وآتيكم لتمنعوني حتى أبلغ رسالة ربي ولا أكره أحدا منكم على شئ " قالوا ومن أي قريش أنت؟ قال من بني عبد المطلب. قالوا فأين أنت من عبد مناف؟ قال هم أول من كذبني وطردني. قالوا ولكنا لا نطردك ولا نؤمن بك، وسنمنعك حتى تبلغ رسالة ربك قال فنزل إليهم والقوم يتسوقون، إذ أتاهم بيحرة (3) بن فراس