توعدون. إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحي وما نحن بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين * قال ربي انصرني] [المؤمنون: 35 - 39] * استبعدوا المعاد وأنكروا قيام الأجساد بعد صيرورتها ترابا وعظاما وقالوا هيهات هيهات أي بعيد بعيد هذا الوعد إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحي وما نحن بمبعوثين أي يموت قوم ويحيى آخرون * وهذا هو اعتقاد الدهرية كما يقول بعض الجهلة من الزنادقة أرحام تدفع وأرض تبلع.
وأما الدورية فهم الذين يعتقدون أنهم يعودون إلى هذه الدار بعد كل سنة وثلاثين ألف سنة وهذا كله كذب وكفر وجهل وضلال وأقوال باطلة وخيال فاسد بلا برهان ولا دليل يستميل عقل الفجرة الكفرة من بني آدم الذين لا يعقلون ولا يهتدون كما قال تعالى (ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون) [الانعام: 113] وقال لهم فيما وعظهم به (أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون) [الشعراء: 128] يقول لهم أتبنون بكل مكان مرتفع بناء عظيما هائلا كالقصور ونحوها تعبثون ببنائها لأنه لا حاجة لكم فيه وما ذاك إلا لأنهم كانوا يسكنون الخيام كما قال تعالى (ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد. التي لم يخلق مثلها في البلاد) [الفجر: 6 - 7] فعاد إرم هم عاد الأولى الذين كانوا يسكنون الأعمدة التي تحمل الخيام.
ومن زعم أن إرم مدينة من ذهب وفضة وهي تتنقل في البلاد فقد غلط وأخطأ وقال ما لا دليل عليه * وقوله (وتتخذون مصانع) قيل هي القصور * وقيل بروج الحمام * وقيل مآخذ الماء (1) (لعلكم تخلدون) [الشعراء: 129] أي رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار أعمارا طويلة (وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون. واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون.
أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) [الشعراء: 130 - 135] وقالوا له مما قالوا (أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين) [الأعراف: 70] أي أجئتنا لنعبد الله وحده ونخالف آباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه * فإن كنت صادقا فيما جئت به فأتنا بما تعدنا من العذاب والنكال فإنا لا نؤمن بك ولا نتبعك ولا نصدقك (2) كما قالوا (سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين. إن هذا الا خلق الأولين. وما نحن بمعذبين) [الشعراء: 136 - 138] أما على قراءة فتح الخاء فالمراد به اختلاق الأولين أي أن هذا الذي جئت به إلا اختلاق منك وأخذته من كتب الأولين * هكذا فسره غير واحد من الصحابة والتابعين * وأما على قراءة ضم الخاء واللام فالمراد به الدين أي أن هذا الدين الذي نحن عليه إلا دين الآباء والأجداد من أسلافنا ولن نتحول عنه ولا نتغير ولا