نزال متمسكين به. ويناسب كلا القراءتين الأولى والثانية قولهم (وما نحن بمعذبين) قال (قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين) [الأعراف: 71] أي قد استحقيتم بهذه المقالة الرجس والغضب من الله أتعارضون عبادة الله وحده لا شريك له بعبادة أصنام أنتم نحتموها وسميتموها آلهة من تلقاء أنفسكم اصطلحتم عليها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان أي لم ينزل على ما ذهبتم إليه دليلا ولا برهانا وإذا أبيتم قبول الحق وتماديتم في الباطل وسواء عليكم أنهيتكم عما أنتم فيه أم لا فانتظروا الآن عذاب الله الواقع بكم وبأسه الذي لا يرد ونكاله الذي لا يصد وقال تعالى (قال رب انصرني بما كذبون قال عما قليل ليصبحن نادمين فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين) [المؤمنون: 26] وقال تعالى (قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين. قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون. فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم. تدمر كل شئ بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين) [الأحقاف: 22] وقد ذكر الله تعالى خبر إهلاكهم في غير ما أية كما تقدم مجملا ومفصلا كقوله (فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين) [الأعراف: 72] وكقوله (ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ. وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا أن عادا كفروا ربهم الا بعدا لعاد قوم هود) [هود: 58 - 60] وكقوله (فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين) [المؤمنون: 41] وقال تعالى (فكذبوه فأهلكناهم ان في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين.
وإن ربك لهو العزيز الرحيم) [الشعراء 139 - 140].
وأما تفصيل إهلاكهم فلما قال تعالى (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم) [الأحقاف: 24] كان هذا أول ما ابتدأهم العذاب أنهم كانوا ممحلين مسنتين فطلبوا السقيا فرأوا عارضا في السماء وظنوه سقيا رحمة فإذا هو سقيا عذاب. ولهذا قال تعالى (بل هو ما استعجلتم به) أي من وقوع العذاب وهو قولهم (فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) ومثلها في الأعراف. وقد ذكر المفسرون وغيرهم ههنا الخبر الذي ذكره الإمام محمد بن إسحاق بن بشار (1) وقال فلما أبوا إلا الكفر بالله عز وجل أمسك عنهم المطر ثلاث سنين حتى جهدهم ذلك قال وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان فطلبوا من الله الفرج منه إنما يطلبونه بحرمه ومكان بيته وكان معروفا عند أهل ذلك الزمان وبه