ولهذا قال (فظلموا بها) أي جحدوا بها ولم يتبعوا الحق بسببها أي أكثرهم. وكان رئيس الذين آمنوا جندع بن عمرو بن محلاه بن لبيد بن جواس. وكان من رؤسائهم وهم بقية الاشراف بالاسلام قصدهم ذؤاب بن عمر بن لبيد والخباب صاحبا أوثانهم ورباب بن صمعر بن جمس ودعا جندع بن عمه شهاب بن خليفة وكان من أشرافهم فهم بالاسلام فنهاه أولئك فمال إليهم فقال في ذلك رجل من المسلمين يقال له مهرش بن غنمة بن الذميل رحمه الله:
وكانت عصبة من آل عمرو * إلى دين النبي دعوا شهابا عزيز ثمود كلهم جميعا * فهم بأن يجيب ولو أجابا لأصبح صالح فينا عزيزا * وما عدلوا بصاحبهم ذؤابا ولكن الغواة من آل حجر * تولوا بعد رشدهم ذابا (1) ولهذا قال لهم صالح عليه السلام (هذه ناقة الله لكم آية) [هود: 64] أضافها الله سبحانه وتعالى إضافة تشريف وتعظيم كقوله بيت الله وعبد الله لكم آية أي دليلا على صدق ما جئتكم به (فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب) [هود: 64] فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ترعى حيث شاءت من أرضهم وترد الماء يوما بعد يوم وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم ويقال إنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم ولهذا (قال لها شرب ولكم شرب يوم معلوم) ولهذا قال تعالى (أنا مرسلوا الناقة فتنة لهم) [القمر: 27] أي اختبارا لهم أيؤمنون بها أم يكفرون والله أعلم بما يفعلون (فارتقبهم) أي انتظر ما يكون من أمرهم (واصطبر) على أذاهم فسيأتيك الخبر على جلية (ونبئهم ان الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر) [القمر: 28] فلما طال عليهم الحال هذا اجتمع ملؤهم واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم وزين لهم الشيطان أعمالهم قال الله تعالى (فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين) [الأعراف - 77] وكان الذي تولى قتلها منهم رئيسهم قدار بن سالف بن جندع وكان أحمر أزرق أصهب وكان يقال أنه ولد زانية ولد على فراش سالف وهو ابن رجل يقال له صيبان. وكان فعله ذلك باتفاق جميعهم فلهذا نسب الفعل إلى جميعهم كلهم (2) *