(ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء) [الحج: 18] وقال تعالى (أو لم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون * ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) [النحل: 48] وقال تعالى (والله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال) [الرعد: 15] وقال تعالى (تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شئ الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) [الاسراء: 44] والآيات في هذا كثيرة جدا.
ولما كان أشرف الأجرام المشاهدة في السماوات والأرض هي الكواكب وأشرفهن منظرا وأشرفهن معتبرا الشمس والقمر استدل الخليل على بطلان آلهية شئ منهن. وذلك في قوله تعالى (فلما جن الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين) [الانعام: 76] أي الغائبين (فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) [الانعام: 77] فبين بطريق البرهان القطعي أن هذه الأجرام المشاهدات من الكواكب والقمر والشمس لا يصلح شئ منها للإلهية لأنها كلها مخلوقة مربوبة مدبرة مسخرة في سيرها لا تحيد عما خلقت له ولا تزيغ عنه إلا بتقدير متقن محرر لا تضطرب ولا تختلف * وذلك دليل على كونها مربوبة مصنوعة مسخرة مقهورة ولهذا قال تعالى (ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون) (1) وثبت في الصحيحين في صلاة الكسوف من حديث ابن عمر وابن عباس وعائشة وغيرهم من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يومئذ: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته " (2).
وقال البخاري في بدء الخلق حدثنا مسدد حدثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا عبد الله الداناج