الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال الله يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الامر أقلب الليل والنهار " وفي رواية فأنا الدهر أقلب ليله ونهاره * قال العلماء كالشافعي وأبي عبيد القاسم بن سلام وغيرهما يسب الدهر أي يقول فعل بنا الدهر كذا يا خيبة الدهر، أيتم الأولاد، أرمل النساء. قال الله تعالى (وأنا الدهر) أي أنا الدهر الذي يعنيه فإنه فاعل ذلك الذي أسنده إلى الدهر والدهر مخلوق، وإنما فعل هذا هو الله فهو يسب فاعل ذلك ويعتقده الدهر. والله هو الفاعل لذلك الخالق لكل شئ المتصرف في كل شئ كما قال وأنا الدهر بيدي الامر أقلب ليله ونهاره وكما قال تعالى (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير * تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب) [آل عمران: 27] وقال تعالى (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب. ما خلق الله ذلك إلا بالحق. يفصل الآيات لقوم يعلمون إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون) [يونس: 5. 6] أي فاوت بين الشمس والقمر في نورهما وفي شكلهما وفي وقتهما وفي سيرهما فجعل هذا ضياء وهو شعاع الشمس برهان ساطع وضوء باهر والقمر نورا أي أضعف من برهان الشمس وجعله مستفادا من ضوئها وقدره منازل أي يطلع أول ليلة من الشهر صغيرا ضئيلا قليل النور لقربه من الشمس وقلة مقابلته لها فبقدر مقابلته لها يكون نوره ولهذا في الليلة الثانية يكون أبعد منها بضعف ما كان في الليلة الأولى فيكون نوره بضعف النور أول ليلة * ثم كلما بعد إزداد نوره حتى يتكامل إبداره ليلة مقابلته إياها من المشرق وذلك ليلة أربع عشرة من الشهر * ثم يشرع في النقص لاقترابه إليها من الجهة الأخرى إلى آخر الشهر فيستتر حتى يعود كما بدأ في أول الشهر الثاني. فبه تعرف الشهور وبالشمس تعرف الليالي والأيام وبذلك تعرف السنين والأعوام ولهذا قال تعالى (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب) وقال تعالى (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شئ فصلناه تفصيلا) [الاسراء: 12] وقال تعالى (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) [البقرة: 189].
وقد بسطنا القول على هذا كله في التفسير. فالكواكب التي في السماء منها سيارات وهي المتخيرة في اصطلاح علماء التفسير وهو علم غالبه صحيح بخلاف علم الاحكام فإن غالبه باطل