البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٣٢
(فارجع البصر هل ترى من فطور. ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) [الملك: 3] (1) أي خاسئا عن أن يرى فيها نقصا أو خللا وهو حسير أي كليل ضعيف ولو نظر حتى يعي ويكل ويضعف لما اطلع على نقص فيها ولا عيب لأنه تعالى قد أحكم خلقها وزين بالكواكب أفقها كما قال (والسماء ذات البروج) [البروج: 1] (2) أي النجوم * وقيل محال الحرس التي يرمي منها بالشهب لمسترق السمع ولا منافاة بين القولين وقال تعالى (ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم) [الحجر: 16] فذكر أنه زين منظرها بالكواكب الثوابت والسيارات (الشمس والقمر والنجوم الزاهرات) وأنه صان حوزتها عن حلول الشياطين بها وهذا زينة معنى * فقال وحفظناها من كل شيطان رجيم كما قال (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملأ الأعلى) [الصافات: 6].
قال البخاري في كتاب بدء الخلق وقال قتادة (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) [فصلت: 12] خلق هذه النجوم الثلاث جعلها زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها فمن تأول بغير ذلك فقد أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به. وهذا الذي قاله قتادة مصرح به في قوله تعالى (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين) وقال تعالى (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر) [الانعام: 97] فمن تكلف غير هذه الثلاث أي من علم أحكام ما تدل عليه حركاتها ومقارناتها في سيرها وأن ذلك يدل على حوادث أرضية فقد أخطأ. وذلك أن أكثر كلامهم في هذا الباب ليس فيه إلا حدس وظنون كاذبة ودعاوى باطلة. وذكر تعالى أنه خلق سبع سماوات طباقا أي واحدة فوق واحدة * واختلف أصحاب الهيئة هل هن متراكمات أو متفاصلات بينهن خلاء على قولين. والصحيح الثاني لما قدمنا من حديث عبد الله بن عميرة عن الأحنف عن العباس في حديث الأوعال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتدرون كم بين السماء والأرض قلنا الله ورسوله أعلم، قال بينهما مسيرة خمسمائة عام. ومن كل سماء إلى سماء خمسمائة سنة وكثف كل سماء خمسمائة سنة * الحديث بتمامه رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي وحسنه * وفي الصحيحين من حديث أنس في حديث الاسراء قال فيه (ووجد في السماء الدنيا آدم فقال له جبرئيل هذا أبوك آدم فسلم عليه فرد عليه السلام. وقال

(1) سورة الملك الآية 3.
قال القرطبي 17 / 31 في الحبك سبعة أقوال: الخلق الحسن المستوي - ذات الزينة - ذات النجوم - ذات الطرائق - ذات الشدة - ذات الصفافة - المجرة التي في السماء.
(2) سورة البروج الآية 1.
قال القرطبي: ج 19 / 283 قسم أقسم به الله وجل وعز وفي البروج أربعة أقوال: النجوم - القصور - البروج فيها الحرس - البروج هي ذات الخلق الحسن - المنازل.
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391