يعقوب. ثم يونس بن متى من بني يعقوب. ثم أيوب بن زراح (1) بن آموص بن ليفرز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم. وفي بعض هذا الترتيب نظر فإن هودا وصالحا المشهور أنهما بعد نوح. وقبل إبراهيم والله أعلم.
قال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم كان أيوب رجلا كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه من الانعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة بأرض البثينة من أرض حوران (2).
وحكى ابن عساكر أنها كلها كانت له وكان له أولاد وأهلون كثير فسلب من ذلك جميعه وابتلى في جسده بأنواع البلاء ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه. يذكر الله عز وجل بها وهو في ذلك كله صابر محتسب، ذاكر الله عز وجل في ليله ونهاره وصباحه ومسائه. وطال مرضه حتى عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، وأخرج من بلده وألقى على مزبلة خارجها، وانقطع عنه الناس، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعى له حقه، وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته وتقوم بمصلحته.
وضعف حالها وقل مالها حتى كانت تخدم الناس بالاجر، لتطعمه وتقوم بأوده، رضي الله عنها وأرضاها، وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد وما يختص بها من المصيبة بالزوج وضيق ذات اليد وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة والخدمة والحرمة فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أشد الناس بلاء الأنبياء. ثم الصالحون. ثم الأمثل فالأمثل، يبتلي الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه " (3). ولم يزد هذا كله أيوب عليه السلام إلا صبرا واحتسابا وحمدا وشكرا حتى أن المثل ليضرب بصبره عليه السلام ويضرب المثل أيضا بما حصل له من أنواع البلايا * وقد روى عن وهب بن منبه وغيره من علماء بني إسرائيل في قصة أيوب خبر طويل في كيفية ذهاب ماله وولده وبلائه في جسده والله أعلم بصحته * وعن مجاهد أنه قال كان أيوب عليه السلام أول من أصابه الجدري وقد اختلفوا في مدة بلواه على أقوال فزعم وهب أنه ابتلى ثلاث سنين لا تزيد ولا تنقص. وقال أنس ابتلى سبع سنين وأشهرا وألقى على مزبلة (4) لبني إسرائيل تختلف الدواب في جسده حتى فرج الله عنه وعظم له الاجر وأحسن الثناء عليه.