القتال وكثر القيل والقال وتمنى ذلك البخاري أبو عبد الله صاحب الصحيح لما اشتد عليه الحال ولقي من مخالفيه الأهوال.
فأما في حال الرفاهية؟ فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما (1) من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به إما محسنا فيزداد وإما مسيئا فلعله يستعتب ولكن ليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " والمراد بالضر ههنا ما يخص العبد في بدنه من مرض ونحوه لا في دينه * والظاهر أن نبي الله يوسف عليه السلام سأل ذلك إما عند إحضاره أو إذا كان ذلك أن يكون كذلك.
وقد ذكر ابن إسحاق عن أهل الكتاب أن يعقوب أقام بديار مصر عند يوسف سبع عشرة سنة ثم توفي عليه السلام وكان قد أوصى إلى يوسف عليه السلام أن يدفن عند أبويه إبراهيم وإسحق.
قال السدي فصبر وسيره إلى بلاد الشام فدفنه بالمغارة عند أبيه إسحاق وجده الخليل عليهم السلام.
وعند أهل الكتاب أن عمر يعقوب يوم دخل مصر مائة وثلاثون سنة. وعندهم أنه أقام بأرض مصر سبع عشرة سنة ومع هذا قالوا فكان جميع عمره مائة وأربعين سنة * هذا نص كتابهم وهو غلط إما في النسخة أو منهم أو قد أسقطوا الكسر وليس بعادتهم فيما هو أكثر من هذا فكيف يستعملون هذه الطريقة ههنا وقد قال تعالى في كتابه العزيز (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون) [البقرة: 133] يوصي بنيه بالاخلاص وهو دين الاسلام الذي بعث الله به الأنبياء عليهم السلام.
وقد ذكر أهل الكتاب أنه أوصى بنيه واحدا واحدا وأخبرهم بما يكون من أمرهم وبشر يهوذا بخروج نبي عظيم من نسله تطيعه الشعوب وهو عيسى بن مريم والله أعلم.
وذكروا أنه لما مات يعقوب بكى عليه أهل مصر سبعين يوما وأمر يوسف الأطباء فطيبوه بطيب ومكث فيه أربعين يوما ثم استأذن يوسف ملك مصر في الخروج مع أبيه ليدفنه عند أهله فأذن له وخرج معه أكابر مصر وشيوخها فلما وصلوا حبرون دفنوه في المغارة التي كان اشتراها إبراهيم الخليل من عفرون بن صخر الحيثي وعملوا له عزاء سبعة أيام قالوا ثم رجعوا إلى بلادهم وعزى إخوة يوسف ليوسف في أبيهم وترققوا له فأكرم وأحسن منقلبهم فأقاموا ببلاد مصر. ثم