إذ حمل سفيان بن الأبرد وهو في ميمنة الحجاج على الأبرد بن قرة التميمي وهو على ميسرة عبد الرحمن فانهزم الأبرد بن قرة من غير قتال يذكر فظن الناس أنه قد كان صولح على أن ينهزم بالناس فلما تقوضت الصفوف من نحوه وركب الناس بعضهم بعضا وصعد عبد الرحمن المنبر ينادي في الناس إلى عباد الله فاجتمع إليه جماعة فثبت حتى دنا منه أهل الشام فقاتل من معه ودخل أهل الشام العسكر فأتاه عبد الله بن يزيد بن المفضل الأزدي فقال له انزل فإني أخاف عليك أن تؤسر ولعلك إن انصرفت أن تجمع لهم جمعا يهلكهم الله به.
فنزل هو ومن معه لا يلوون على شيء، ثم رجع الحجاج إلى الكوفة، وعاد محمد بن مروان إلى الموصل وعبد الله بن عبد الملك إلى الشام وأخذ الحجاج يبايع الناس وكان لا يبايع أحدا إلا قال له أشهد أنك كفرت فإن قال نعم بايعه وإلا قتلته فأتاه رجل من خثعم كان معتزلا للناس جميعا فسأله عن حاله فأخبره باعتزاله فقال له أنت متربص أتشهد أنك كافر قال بئس الرجل أنا عبد الله ثمانين سنه ثم أشهد على نفسي بالكفر! قال إذا أقتلك قال وإن قتلتني فقتله ولمم يبق أحد من أهل الشام والعراق إلا رحمه.
ثم دعا بكميل بن زياد فقال له أنت المقتص من أمير المزمنين عثمان؟ قد كنت أحب إلي من أن أجد عليك سبيلا. قال على أينا أنت أشد غضبا عليه حين أقاد من نفسه أم علي حين عفوت عنه ثم قال أيها الرجل من ثقيف لا تصرف علي أنيابك ولا تكشر علي كالذئب والله ما بقي من عمري إلا ظمء الحمار اقض ما أنت قاض فإن الموعد الله وبعد القتل الحساب. قال