الجيش وشق عليه وأحفى دوابهم ولقوا منه كل بلاء ولم يزل عبد الرحمن يتبعه حتى مر به على خانقين وجلولاء وسامرا ثم أقبل إلى البت وهي من قرى الموصل ليس بينها وبين سواد الكوفة إلا نهر حولايا وهو في راذان الأعلى من أرض جوخى ونزل عبد الرحمن في عواقيل من النهر لأنها مثل الخندق.
فأرسل شبيب إلى عبد الرحمن يقول إن هذه الأيام عيد لنا ولكم يعني عيد النحر فهل لك في الموادعة حتى تمضي هذه الأيام فأجابه إلى ذلك وكان يحب المطاولة وكتب عثمان بن قطن إلى الحجاج أما بعد فإن عبد الرحمن قد حفر جوخى كلها خندقا واحدا وكسر خراجها وخلى شبيبا يأكل أهلها والسلام فكتب اليه الحجاج يأمره بالمسير إلى الجيش وجعله أميرهم وعزل عنهم عبد الرحمن وبعث الحجاج إلى المدائن مطرف بن المغيرة بن شعبة وسار عثمان حتى قدم على عبد الرحمن وعسكر الكوفة فوصل عشية الثلاثاء يوم التروية فنادى الناس وهو على بغلة أيها الناس اخرجوا إلى عدوكم فوثب اليه الناس وقالوا هذا المساء قد غشينا والناس لم يوطنوا أنفسهم على الحرب فبت الليلة ثم أخرج على تعبية وهو يقول لأناجزنهم فلتكونن الفرصة لي أو لهم فأتاه عبد الرحمن فأنزله.
وكان شبيب قد نزل ببيعة البت فأتاه أهلها فقالوا له أنت ترحم الضعفاء وأهل الذمة ويكلمك من تلي عليه ويشكون إليك فتنظر إليهم وإن هؤلاء جبابرة لا يكلمون ولا يقبلون العذر والله لئن بلغهم أنك مقيم في بيعتنا ليقتلننا إذا ارتحلت عنا فإن رأيت أن تنزل جانب القرية ولا تجعل علينا مقالا فافعل فخرج عن البيعة فنزل جانب القرية.
وبات عثمان ليلته كلها يحرض أصحابه فلما أصبح يوم الأربعاء خرج بالناس كلهم فاستقبلهم ريح شديدة وغبرة شديدة فصلح الناس وقالوا له ننشدك الله أن لا تخرج بنا والريح علينا فأقام بهم ذلك اليوم ثم خرج بهم يوم