فسار شبيب وتركهم ولم يظفر بهم فنزل على ميل ونصف ثم صلى الغداة ثم سار إلى جرجرايا.
وأقبل الجزل في طلبهم على تعبية ولا ينزل إلا في خندق وسار شبيب في أرض جوخى وغيرها يكسر الخراج فطال ذلك على الحجاج فكتب إلى الجزل يبكر عليه إبطاءه ويأمره بمناهضتهم فجد في طلبهم وبعث الحجاج سعيد بن مجالد على جيش الجزل وأمره بالجد في قتال شبيب وترك المطاولة.
فوصل سعيد إلى الجزل وهو بالنهروان قد خندق عليه وقام في العسكر ووبخهم وعجزهم ثم خرج وأخرج معه الناس وضم إليه خيول أهل العسكر ليسير بهم جريدة إلى شبيب ويترك الباقين مكانهم فقال له الجزل ما تريد أن تصنع قال أقدم على شبيب في هذه الخيل فقال له الجزل أقم أنت في جماعة الناس فارسهم وراجلهم وابرز لهم فوالله ليقدمن عليك ولا تغرق أصحابك فقال قف أنت في الصف فقال الجزل يا سعيد ليس لي فيما صنعت رأي أنا بريء منه.
ووقف الجزل فصف أهل الكوفة وقد أخرجهم من الخندق وتقدم سعيد بن مجالد ومعه الناس وقد أخذ شبيب إلى قطيطيا فدخلها وأمر دهقانا أن يصلح لهم غداء ففعل وأغلق الباب فلم يفرغ من الغداء حتى أتاه سعيد في ذلك العسكر فأقبل الدهقان فأعلم شبيبا بهم فقال لا بأس قرب الغداء فقربه فأكل وتوضأ وصلى ركعتين وركب بغلا له وخرج عليه وسعيد على باب المدينة فحمل عليهم فقال لا حكم إلا للحكم [الحكيم]، أنا أبو بدلة أثبتوا إن شئتم.