ولما قتل زائدة دخل أبو الضريس وأعين جوسقا عظيما وقال شبيب لأصحابه: ارفعوا السيف [عن الناس] وادعوهم إلى البيعة فدعوهم إلى البيعة عند الفجر فبايعوه وكان فيمن بايعه أبو بردة بن أبي موسى فقال شبيب لأصحابه هذا ابن أحد الحكمين فأرادوا قتله فقال شبيب ما ذنب هذا وتركه وسلموا على شبيب بإمرة المؤمنين وخلى سبيلهم فبقوا كذلك حتى انفجر الفجر فلما ظهر الفجر أمر محمد بن موسى مؤذنه فأذن وكان لم ينهزم فسمع شبيب الأذان فقال ما هذا قالوا محمد بن موسى بن طلحة لم يبرح فقال قد ظننت أن حمقه وخيلاءه يحمله على هذا ثم نزل شبيب فأذن هو وصلى بأصحابه الصبح ثم ركبوا فحملوا على محمد وأصحابه فانهزمت طائفة منهم وثبتت معه طائفة فقاتل حتى قتل وأخذت الخوارج ما كان في العسكر وانهزم الذين كانوا بايعوا شبيبا فلم يبق منهم أحد.
ثم أتى شبيب الجوسق الذي فيه أعين وأبو الضريس فتحصنوا منه فأقام عليهم ذلك اليوم وسار عنهم فقال أصحابه ما دون الكوفة أحد يمنع فنظر فإذا أصحابه قد جرحوا فقال لهم ما عليكم أكثر مما فعلتم فخرج بهم على نفر ثم على الصراة فأتى خانيجار فأقام بها فبلغ الحجاج ميسره نحو نفر فظن أنه يريد المدائن وهي باب الكوفة ومن أخذها كان في يده من السواد أكثره فهال ذلك الحجاج فبعث عثمان بن قطن أميرا على المدائن وجوخى والأنبار وعزل عنها عبد الله بن أبي عصيفر وكان بها الجزل يداوي جراحته فلم يتعهده عثمان كما كان ابن أبي عصيفر يفعل فقال الجزل اللهم زد ابن أبي عصيفر جودا وفضلا وزد عثمان بن قطن بخلا وضيقا.