فتناول يديها ليقبلهما فقالت هذا وداع فلا تبعد فقال لها جئت مودعا لأني أرى هذا آخر أيامي من الدنيا قالت امض على بصيرتك وادن مني حتى أودعك فدنا منها فعانقها وقبلها فوقعت يدها على الدرع فقالت ما هذا صنيع من يريد ما تريد فقال ما لبسته إلا لأشد متنك قالت فإنه لا يشد متني فنزعها ثم درج كميه وشد أسفل قميصه وجبة خز تحت أثناء السراويل وأدخل أسفلها تحت المنطقة وأمه تقول له: البس ثيابك مشمرة. فخرج وهو يقول:
(إني إذا أعرف يومي أصبر) (وإنما يعرف يومه الحر) (إذ بعضهم يعرف ثم ينكر) فسمعته فقالت تصبر إن شاء الله أبواك أبو بكر والزبير وأمك صفية بنت عبد المطلب فحمل على أهل الشام حملة منكرة فقتل منهم ثم انكشف هو وأصحابه وقال له بعض أصحابه لو لحقت بموضع كذا قال بئس الشيخ أنا إذا في الاسلام لئن أوقعت قوما فقتلوا ثم فررت عن مثل مصارعهم ودنا أهل الشام حتى امتلأت منهم الأبواب، وكانوا يصيحون به: يا ابن ذات النطاقين، فيقول:
(وتلك شكاة ظاهر عنك عارها) وجعل أهل الشام على أبواب المسجد رجلا من أهل كل بلد فكان لأهل