ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه في دخول الحرم وحصر ابن الزبير ويخبره بضعفه وتفرق أصحابه ويستمده فكتب عبد الملك إلى طارق يأمره باللحاق بالحجاج فقدم المدينة في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين وأخرج عامل ابن الزبير عنها وجعل عليها رجلا من أهل الشام اسمه ثعلبة فكان ثعلبة يخرج المخ وهو على منبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأكله ويأكل عليه التمر ليغيظ أهل المدينة وكان مع ذلك شديدا على أهل الزبير وقدم طارق على الحجاج بمكة في سلخ ذي الحجة في خمسة آلاف.
وأما الحجاج فإنه قدم مكة في ذي القعدة وقد أحرم بحجة فنزل بئر ميمون وحج بالناس تلك السنة الحجاج إلا أنه لم يطف بالكعبة ولا سعى بين الصفا والمروة منعه ابن الزبير من ذلك فكان يلبس السلاح ولا يقرب النساء ولا الطيب إلى أن قتل ابن الزبير ولم يحج ابن الزبير ولا أصحابه لأنهم لم يقفوا بعرفة ولم يرموا الجمار ونحر ابن الزبير بدنه بمكة.
ولما حصر الحجاج ابن الزبير نصب المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة وكان عبد الملك ينكر ذلك أيام يزيد بن معاوية ثم أمر به فكان الناس يقولون خذل في دينه.
وحج ابن عمر تلك السنة فأرسل إلى الحجاج أن أتق الله واكفف هذه الحجارة عن الناس فإنك في شهر حرام وبلد حرام وقد قدمت وفود الله من أقطار الأرض ليؤدوا فريضة الله ويزدادوا خيرا وإن المنجنيق قد منعهم عن الطواف فاكفف عن الرمي حتى يقضوا ما يجب عليهم بمكة فبطل الرمي حتى عاد الناس من عرفات وطافوا وسعوا ولم يمنع ابن الزبير الحاج من الطواف والسعي فلما فرغوا من طواف الزيارة نادى منادي الحجاج: انصرفوا