الأسعار عند ابن الزبير وأصاب الناس مجاعة شديدة حتى ذبح فرسه وقسم لحمها في أصحابه وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم والمد الذرة بعشرين درهما وان بيوت ابن الزبير لمملوءة قمحا وشعيرا وذرة وتمرا وكان أهل الشام ينتظرون فناء ما عنده وكان يحفظ ذلك ولا ينفق منه إلا ما يمسك الرمق ويقول أنفس أصحابي قوية ما لم يفن.
فلما كان قبيل مقتله تفرق الناس عنه وخرجوا إلى الحجاج بالأمان خرج من عنده نحو عشرة آلاف وكان ممن فارقه ابناه حمزة وخبيب أخذا لأنفسهما أمانا فقال عبد الله لابنه الزبير خذ لنفسك أمانا كما فعل أخواك فوالله إني لأحب بقاءكم فقال ما كنت لأرغب بنفسي عنك فصبر معه فقتل.
ولما تفرق أصحابه عنه خطب الحجاج الناس وقال قد ترون قلة من مع ابن الزبير وما هم عليه من الجهد والضيق ففرحوا واستبشروا وتقدموا فملأوا ما بين الحجون إلى الأبواء فدخل على أمه فقال يا أماه خذلني الناس حتى ولدي وأهلي ولم يبق معي إلا اليسير ومن ليس عنده أكثر من صبر ساعة والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا فما رأيك فقالت أنت والله يا بني أعلم بنفسك إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو فامض له فقد قتل عليه أصحابك ولا تمكن من رقبتك يتلعب بها غلمان بني أمية وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت أهلكت نفسك ومن قتل معك وإن قلت كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين كم خلودك في الدنيا! القتل أحسن! فقال يا أماه أخاف ان قتلني