لهم أمره معهم وأنه دعاهم إلى من يرتضونه فبايعه منهم أهل البصرة وأنهم أبوا غيره وقال إني بلغني أنكم مسحتم أكفكم بالحيطان وباب الدار وقلتم ما قلتم وإني آمر بالأمر فلا ينفذ ويرد على رأيي ويحال بين أعواني وبين طلبتي ثم إن هذا سلمة بن ذؤيب يدعو إلى الخلاف عليكم ليفرق جماعتكم ويضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف.
فقال الأحنف والناس نحن نأتيك بسلمة فأتوه بسلمة فإذا جمعه قد كثف والفتق قد اتسع فلما رأوا ذلك قعدوا عن ابن زياد فلم يأتوه فدعا عبيد الله رؤساء محاربة السلطان وأرادهم ليقاتلوا معه قالوا إن أمرنا فؤادنا فعلنا فقال له إخوته ما لنا خليفة فنقاتل عنه فإن هزمت رجعت إليه فأمدك ولعل الحرب تكون عليك وقد اتخذنا بين هؤلاء القوم أموالا فإن ظفروا بنا أهلكونا وأهلكوها فلم تبق لك بقية.
فلما رأى ذلك أرسل إلى الحرث بن قيس بن صهباء الجهضمي الأزدي فأحضره وقال له يا حرث إن أبي أوصاني أني إن احتجت إلى العرب يوما أن اختاركم فقال الحرث إن قومي قد اختبروا أباك فلم يجدوا عنده مكانا ولا عندك مكافأة ولا أردك إذا اخترتنا ما أدري كيف أماني لك إن أخرجتك نهارا أخاف أن تقتل وأقتل ولكني أقيم معك إلى الليل ثم أردفك خلفي لئلا تعرف فقال عبيد الله نعم ما رأيت فأقام عنده فلما كان الليل حمله خلفه.