وفاة أبي عبد الله جعفر بن محمد وآدابه وتوفي أبو عبد الله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، بالمدينة سنة 148، وله ست وستون سنة، وكان أفضل الناس وأعلمهم بدين الله، وكان من أهل العلم الذين سمعوا منه، إذا رووا عنه قالوا: أخبرنا العالم.
قال سفيان: سمعت جعفرا يقول: الوقوف عند كل شبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وترك حديث لم نروه أفضل من روايتك حديثا لم تحصه. إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفه فدعوه.
وقال جعفر: ثلاثة يجب لهم الرحمة: غني افتقر، وعزيز قوم ذل، وعالم تلاعب به الجهال.
وقال: من أخرجه الله من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه الله بغير مال، وأعزه الله بغير عشيرة، ومن خاف الله أخاف الله منه كل شئ، ومن لم يخف الله أخاف الله من كل شئ، ومن رضي من الله باليسير من الرزق رضي منه باليسير من العمل، ومن لم يستح من طلب الحلال خفت مؤونته ونعم أهله، ومن زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه، فأطلق لسانه من أمور الدنيا دائها ودوائها، وأخرجه منها سالما.
وروي أنه قال، لما نزلت على رسول الله: لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم، الآية، قال: ومن لم يتعز بعزاء رسول الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن اتبع طرفه ما في أيدي الناس طال همه ولم يشف غيظه، ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في كل مأكل ومشرب، فقد قصر عمره، ودنا عذابه.