قنسرين. وانتهى إلى جلب، فتحصن أهلها، وجاء أبو عبيدة حتى نزل عليها، وطلبوا الصلح والأمان، فقبل أبو عبيدة ذلك منهم، وكتب لهم أمانا، ووجه بمالك بن الحارث الأشتر على جمع إلى الروم، وقد قطعوا الدرب، فقتل منهم مقتلة عظيمة، ثم انصرف وقد عافاه الله وأصحابه.
ورجع أبو عبيدة نحو الأردن، فحاصر أهل إيلياء، وهي بيت المقدس، فامتنعوا عليه وطاولوه، ووجه أبو عبيدة عمرو بن العاص إلى قنسرين، فصالحهم أهل حلب، وقنسرين، ومنبج، ووضع عليهم الخراج على نحو ما فعل أبو عبيدة بحمص، وجمعت غنائم اليرموك بالجابية، وكتبوا إلى عمر، فكتب إليهم: لا تحدثوا فيها حدثا، حتى تفتحوا بيت المقدس.
وكان جبلة بن الأيهم الغساني لما انهزمت الروم من اليرموك صار إلى موضعه في جماعة قومه، فأرسل إليه يزيد بن أبي سفيان أن اقطع على أرضك بالخراج وأداء الجزية، فقال: إنما يؤدي الجزية العلوج، وأنا رجل من العرب.
وكان عمر قد بعث أبا عبيد بن مسعود الثقفي في جيش مع المثنى بن حارثة الشيباني إلى العراق، وكان كسرى قد توفي، وقامت بوران ابنته بالملك، وصيرت رستم والفيرزان القيمين بأمر الملك، وكان ضعيفين مهينين، فتقدم أبو عبيد الثقفي، فلقي مسلحة من مسالح الفرس، فأوقع بهم، واقتتلوا قتالا شديدا، ثم أظفر الله المسلمين بهم، ومنحهم أكتافهم.
وبعث إليهم رستم، لما بلغه الخبر، برجل يقال له جالينوس، فالتقوا بموضع يقال له باروسما، فانهزمت الفرس، وافتتح أبو عبيد باروسما، فوجه إليهم رستم بذي الحاجب، وبعث معه بالفيل، فاقتتلوا قتالا شديدا، فجعلت خيل المسلمين تنفر من الفيل، فشد عليه أبو عبيد الثقفي بالسيف، فقطع مشفره، وبرك عليه الفيل فقتله، وقام بالجيش المثنى بن حارثة الشيباني، فلما انتهى الخبر إلى عمر اشتد غمه بذلك.
وقدم جرير بن عبد الله البجلي من اليمن في ركب من بجيلة، رئيسهم