عرفجة بن هرثمة، حليف لهم من الأزد، فأمرهم عمر بالنفوذ إلى العراق، وأمر عليهم عرفجة، فغضب جرير وقال: والله ما الرجل منا! فقال عرفجة:
صدق! فوجه عمر جرير بن عبد الله، فقدم الكوفة، ثم خرج منها فواقع مرزبان المذار، فقتله، وانهزم جيشه، وغرق أكثرهم في دجلة، ثم صار إلى النخيلة، وبها مهران في جمعه، فواقعه، فاقتتلوا قتالا شديدا، وشد المنذر بن حسان على مهران فطعنه فألقاه عن دابته، فبادر جرير فاحتز رأسه، فاختصما في سلبه، فأخذ جرير السلاح، والمنذر المنطقة، وذلك في سنة 14.
فلما رأت الفرس ما هم فيه من الضعف والمهانة وظهور المسلمين عليهم اجتمعوا على قتل رستم والفيرزان، ثم قالوا: إن في هذا إشتاتا لامرنا، فطلبوا ابن كسرى حتى وجدوا يزدجرد، وهو ابن عشرين سنة، فملكوه عليهم، فضبط أمورهم، وحسن تدبيره، واشتدت المملكة، وقوي أمر الفرس، وأخرجوا المسلمين عن المروج، فارتد أهل السواد وخرقوا العهود التي كانت في أيديهم، وصار المسلمون في الأطراف، فلما بلغ ذلك عمر أراد الخروج إلى العراق، ثم استشار، فأشير عليه بسعد بن أبي وقاص، فوجهه بثمانية آلاف، فسار حتى نزل القادسية، ووجه عتبة بن غزوان إلى كور دجلة والأبلة وأبرقباذ وميسان ففتحها، واختط البصرة، وبنى مسجدها بالقصب، وقد قيل: إن عمر وجهه لذلك.
وأقام سعد بالقادسية، ثم ظفر المسلمون ببنت ازاذمرد، وهي تزف إلى بعض الملوك، وأخذوا ما كان معها من الأموال والأثقال، وفرقوها على المسلمين فطابت أنفسهم، وحسنت قوتهم.
ثم وجه سعد إلى كسرى بالنعمان بن مقرن وجماعة معه يدعونه إلى الاسلام، فدخلوا عليه في أحسن زي، وعليهم البرود والنعل، فأخبروه بما وجههم له سعد، ودعوه إلى الاسلام وإلى شهادة الحق وإلى أداء الجزية، فأغضبه ذلك، ودعا بتليس تراب فقال: احملوه على رأس سيدهم، فلولا