وكتب إلى أهل هجر: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى أهل هجر سلم أنتم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإني أوصيكم بالله وأنفسكم ألا تضلوا بعد إذ هديتم ولا تغووا بعد إذ رشدتم، أما بعد ذلكم فإنه قد جاءني وفدكم فلم آت فيهم إلا ما سرهم وإني لو جهدت حقي كله فيكم أخرجتكم من هجر فشفعت شاهدكم ومننت على غائبكم اذكروا نعمة الله عليكم. أما بعد فإنه قد أتاني ما صنعتم وإن من يجمل منكم لا يحمل عليه ذنب المسئ فإذا جاءكم أمراؤكم فأطيعوهم وانصروهم على أمر الله وفي سبيله فإنه من يعمل منكم عملا صالحا فلن يضل له عند الله ولا عندي.
أما بعد يا منذر بن ساوى فقد حمدك لي رسولي وأنا، إن شاء الله، مثيبك على عملك.
وقدم عليه أهل نجران ورئيسهم أبو حارثة الأسقف، ومعه العاقب والسيد وعبد المسيح وكوز وقيس والأيهم، فوردوا على رسول الله. فلما دخلوا أظهروا الديباج والصلب ودخلوا بهيئة لم يدخل بها أحد. فقال رسول الله: دعوهم، فلقوا رسول الله فدارسوه يومهم وساءلوه ما شاء الله. فقال أبو حارثة: يا محمد!
ما تقول في المسيح؟ قال: هو عبد الله ورسوله. فقال: تعالى الله عما قلت، يا أبا القاسم هو كذا وكذا. ونزل فيهم: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب " إلى قوله: " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ".
فرضوا بالمباهلة، فلما أصبحوا قال أبو حارثة: انظروا من جاء معه. وغدا رسول الله آخذا بيد الحسن والحسين تتبعه فاطمة وعلي بن أبي طالب بين يديه وغدا العاقب والسيد بابنين لهما عليهما الدر والحلي وقد حفوا بأبي حارثة. فقال أبو حارثة: من هؤلاء معه؟ قالوا: هذا ابن عمه وهذه ابنته وهذان ابناها. فجثا رسول الله على ركبتيه ثم ركع. فقال أبو حارثة: جثا والله كما يجثو النبيون للمباهلة.