ومرة على جيش الطرف إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا، فهربت الاعراب وخافوا أن يكون رسول الله سار إليهم، فأصاب من نعمهم عشرين بعيرا ولم يكن بينهم قتال.
والمنذر بن عمرو الأنصاري على سرية إلى بئر معونة. وذلك أن أسد بن معونة قدم على رسول الله بهدية من قبل عمه أبي براء بن مالك ملاعب الأسنة، وأهدى له فرسين ونجائب، وكان صديقا للنبي. فقال رسول الله: والله لا أقبل هدية مشرك. فقال لبيد بن ربيعة: ما كنت أرى أن رجلا من مضر يرد هدية أبي براء. فقال: لو كنت قابلا من مشرك هدية لقبلتها منه. قال: فإنه يستشفيك من دبيلة في بطنه قد غلبت عليه. فتناول رسول الله جبوبة من تراب فأمرها على لسانه ثم دفها بماء ثم سقاه إياه، فكأنما أنشط من عقال.
وكان أبو براء سأل رسول الله أن يبعث إليه بنفر من أصحابه ليفقهوهم في الدين ويبصروهم شرائع الاسلام، فقال رسول الله: إني أخاف أن يقتلهم بنو عامر، فأرسل أبو براء انهم في جواري. فبعث إليه المنذر بن عمرو ونفرا من أصحابه في تسعة وعشرين عامتهم بدري. فأغار عليهم عامر بن الطفيل وتابعه ثلاثة أحياء من بني سليم رعل وذكوان وعصية فلذلك لعنهم رسول الله، وأقبل عامر إلى حرام بن ملحان، وهو يقرأ كتاب رسول الله، فطعنه بالرمح. فقال: الله أكبر فزت بالجنة. واقتتل القوم قتالا شديدا وكثرتهم بنو سليم، فقتلوا من عند آخرهم ما خلا المنذر بن عمرو فإنه قال لهم: دعوني أصلي على أخي حرام ابن ملحان. قالوا: نعم. فصلى عليه ثم أخذ سيفا وأعنق نحوهم فقاتلهم حتى قتل. وقال الحارث بن الصمة: ما كنت لأرغب بنفسي عن سبيل مضى فيه المنذر، والله لأذهبن فلئن ظفر لأظفرن ولئن قتل لأقتلن. فذهب فقتل وأعتق عامر بن الطفيل أسعد بن زيد الديناري عن رقبة كانت على أمه.
وبعث جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة إلى البلقاء من أرض الشأم فأصيبوا بمؤتة، وقد قدمنا ذكرهم قبل هذا الموضع.