ذراعا، وضرب على سائر بغداد سورا، وجد في البناء، وأحضر المهندسين والبنائين والفعلة من كل بلد، وأقطع مواليه وقواده القطائع داخل المدينة، فدروب المدينة تنسب إليهم، وأخذهم بالبناء، وأقطع آخرين على أبواب المدينة، وأقطع الجند أرباض المدينة، وأقطع أهل بيته الأطراف، وأقطع ابنه المهدي وجماعة من أهل بيته ومواليه وقواده.
وشخص المهدي من خراسان منصرفا إلى العراق في هذه السنة، وهي سنة 144، فخرج أبو جعفر لاستقباله بنهاوند، وقدم فصار إلى الكوفة، فنزل الحيرة والمدينة التي بناها المنصور، وسماها الهاشمية، فأقام المهدي أياما، ثم ابتنى بريطة بنت أبي العباس بالحيرة.
وبلغ المنصور أن محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن قد تحرك بالمدينة، فكاتبه أهل البلدان، فخرج حاجا، ولم يدخل المدينة في منصرفه، وصار إلى الربذة، فأتى بجماعة من العلويين، ومعهم محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وهو أخو عبد الله بن حسن لامه، فسألهم عن محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن، فقالوا: ما نعلم له موضعا، ولا نعرف له خبرا. فقال لمحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان: أقطعتك ووصلتك وفعلت وفعلت، ولم أواخذك بذنوب أهل بيتك، ثم تستميل علي عدوي، وتطوي أمره عني؟ ثم أمر به، فضرب ضربا شديدا، وطيف به بالربذة على حمار، وأشخص القوم جميعا على أقتاب بغير وطاء.
وانصرف أبو جعفر من حجه، فصار إلى بغداد، ونزل مدينته المعروفة بباب الذهب سنة 145، وكانت الأسواق داخل المدينة، فأخرجها إلى الكرخ، ولم يقر أبو جعفر إلا أياما حتى أتاه الخبر بخروج محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن وظهور أمره، فرجع إلى الكوفة، فأقام بقصر ابن هبيرة بين الكوفة وبغداد أياما، وولى رياح بن عثمان بن حيان المري المدينة، وقال: ما وجدت لهم غيرك، ولا أعلم لهم سواك. فلما قدم رياح المدينة قام على المنبر، فخطب