فخرجوا إلى خراسان، وقد وقعت العصبية بين مضر واليمن، وذلك أن نصر بن سيار تحامل على اليمن وربيعة، وقدم المضرية، فوثب به جديع ابن علي الكرماني الأزدي، وكان رئيس الأزد يومئذ ورجلهم، وقال له:
لا ندعك وفعلك، ومالت معه اليمانية وربيعة، فأخذه نصر فحبسه، فأتت اليمن وربيعة حتى أخرجوه من مجرى كنيف، ثم اجتمعوا عليه، ورام نصر أن يخدعه فيصير إليه، فلم يفعل، وكان في نصر بعض الخرق، فلما علم جديع أن اليمن وربيعة قد اجتمع رأيهما معه على نصر بن سيار، وثب به فحاربه، وكان له العلو على نصر، فمال أبو مسلم إلى الكرماني، فقال له: ادع إلى آل محمد! وجعل يمايل أصحابه، ويدعوهم إلى ذلك، حتى أظهروا دعوة بني هاشم بخراسان.
وكان عمرو بن محمد بن القاسم الثقفي، ويزيد بن عرار، لما قتل الحكم ابن عوانة عامل السند، تنازعا خلافته، فكتب هشام إلى يوسف بن عمر في ذلك، فمال يوسف بالثقفية إلى عمرو بن محمد بن القاسم، فولاه، فلما ولي الوليد عزل عمرو بن محمد بن القاسم عن السند، وولى يزيد بن عرار، فغزا ثماني عشرة غزاة، وكان ميمون النقيبة.
واضطربت البلدان كلها، وكان الوليد مهملا لامره، قليل العناية بأطرافه، وكان صاحب ملأه وقيان وإظهار للقتل والجور، وتشاغل عن أمور الناس، وشرب ومجون، فبلغ من مجونه أنه أراد أن يبني على الكعبة بيتا يجلس فيه للهو، ووجه مهندسا لذلك، فلما ظهر هذا منه مع قتله خالد بن عبد الله القسري وتعذيبه إبراهيم ومحمد ابني هشام حتى ماتا، واستذمامه إلى الناس وإلى أهل بيته، ومن كان في ناحيتهم من العرب، استعمال يزيد بن الوليد بن عبد الملك جماعة من أهل بيته، فمايلوه على خلع الوليد، وشايعه على ذلك بنو خالد بن عبد الله القسري وجماعة من اليمانية إلى البيعة ليزيد بن الوليد بن عبد الملك، واجتمع إليه جماعة، وخرج مولى للوليد، فعرفه الخبر، فضربه مائة سوط،