ثم شخص عبد الله بن محمد، وهو يريد فلسطين، فبعث سليمان قوما إلى بلاد لخم وجذام، ومعهم اللبن المسموم، فضربوا أخبية نزلوا فيها، فمر بهم، فقالوا: يا عبد الله! هل لك في الشراب؟ فقال: جزيتم خيرا. ثم مر بآخرين، فقالوا مثل ذلك، فجزاهم خيرا، ثم بآخرين، فاستسقى فسقوه، فلما استقر اللبن في جوفه قال لمن معه: أنا والله ميت، فانظروا من هؤلاء، فنظروا فإذا القوم قد قوضوا، فقال: ميلوا بي إلى ابن عمي محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، فإنه بأرض الشراة، فأسرعوا السير حتى أتوا محمد بن علي بالحميمة من أرض الشراة، فلما قدم عليه قال له: يا ابن عم أنا ميت، وقد صرت إليك، وهذه وصية أبي إلي، وفيها أن الامر صائر إليك، وإلى ولدك، والوقت الذي يكون ذلك، والعلامة وما ينبغي لكم العمل به أعلى ما سمع وروى عن أبيه علي بن أبي طالب، فاقبضها إليك، وهؤلاء الشيعة فاستوص بهم خيرا، وهؤلاء دعاتك وأنصارك، فاستبطنهم، فإني قد بلوتهم بمحبة ومودة لأهل بيتك، ثم هذا الرجل ميسرة، فاجعله صاحبك بالعراق، فأما الشأم، فليست لكم ببلاد، وهؤلاء رسله إلى خراسان وإليك، ولتكن دعوتكم بخراسان، ولا تعد هذه الكور: مرو، ومرو الروذ، وبيورد، ونسا، وإياك ونيسابور وكورها، وابرشهر، وطوس، فإني أرجو أن تتم دعوتكم، ويظهر الله أموركم، واعلم أن صاحب هذا الامر من ولدك عبد الله بن الحارثية، ثم عبد الله أخوه الذي هو أكبر منه، فإذا مضت سنة الحمار، فوجه رسلك بكتبك، ووطد الامر قبل ذلك بلا رسول ولا حجة. فأما أهل العراق، فهم شيعتك ومحبوك، وهم أهل اختلاف، فلا يكن رسولك إليا منهم، وانظر أهل الحي من ربيعة فألحقهم بهم، فإنهم معهم في كل أمر، وانظر هذا الحي من تميم وقيس، فأقصهم، ثم أبدهم إلا من عصم الله منهم، وهم أقل من القليل، ثم اختر دعاتك، فليكونوا اثني عشر نقيبا، فإن الله عز وجل لم يصلح أمر بني إسرائيل إلا بهم وسبعين نفسا بعدهم يتلونهم، فإن النبي إنما
(٢٩٧)