جماعة من بني هاشم، وكلموه في أمورهم، فقال: أما ترضون يا بني هاشم أن نقر عليكم دماءكم، وقد قتلتم عثمان، حتى تقولوا ما تقولون؟ فوالله لا أنتم أجل دما من كذا وكذا، وأعظم في القول، فقال له ابن عباس: كل ما قلت لنا يا معاوية من شر بين دفتيك، أنت والله أولى بذلك منا، أنت قتلت عثمان، ثم قمت تغمص على الناس أنك تطلب بدمه. فانكسر معاوية، فقال ابن عباس: والله ما رأيتك صدقت إلا فزعت وانكسرت. قال: فضحك معاوية، وقال: والله ما أحب أنكم لم تكونوا كلمتموني.
ثم كلمه الأنصار، فأغلظ لهم في القول، وقال لهم: ما فعلت نواضحكم؟
قالوا: أفنيناها يوم بدر لما قتلنا أخاك وجدك وخالك، ولكنا نفعل ما أوصانا به رسول الله. قال: ما أوصاكم به؟ قالوا: أوصانا بالصبر. قال: فاصبروا.
ثم أدلج معاوية إلى الشأم، ولم يقض لهم حاجة.
وفي هذه السنة عمل معاوية المقصورة في المسجد وأخرج المنابر إلى المصلى في العيدين، وخطب الخطبة قبل الصلاة، وذلك أن الناس، إذا صلوا، انصرفوا لئلا يسمعوا لعن علي، فقدم معاوية الخطبة قبل الصلاة، ووهب فدكا لمروان بن الحكم ليغيظ بذلك آل رسول الله.
واستعمل معاوية ابن أثال النصراني على خراج حمص، ولم يستعمل النصارى أحد من الخلفاء قبله، فاعترضه خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بالسيف، فقتله، فحبسه معاوية أياما، ثم أغرمه ديته، ولم يقده منه.
وكان ابن أثال قتل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، دس إليه شربة سم، فعيره بن المنذر بن الزبير بن العوام، وقال: تتكلم، وابن أثال بحمص يأمر وينهى؟ فلما قتله قال خالد بن عبد الرحمن: أما أنا فقد قتلت ابن أثال وهذا عمرو بن جرموز التميمي قاتل الزبير آمن السرب.
وكان عبد الرحمن بن العباس بن عبد المطلب قد قدم على معاوية إلى الشأم، فجفاه معاوية، ولم يقض له حاجة، ودخل إليه يوما، فقال له: يا ابن العباس!