فقدم على معاوية، فذاكره أمره، فقال له: أما علي، فوالله لا تساوي العرب بينك وبينه في شئ من الأشياء، وإن له في الحرب لحظا ما هو لاحد من قريش إلا أن تظلمه. قال: صدقت، ولكنا نقاتله على ما في أيدينا، ونلزمه قتل عثمان. قال عمرو: وا سوءتاه! ان أحق الناس ألا يذكر عثمان لا أنا ولا أنت. قال: ولم ويحك؟ قال: أما أنت فخذلته ومعك أهل الشأم حتى استغاث بيزيد بن أسد البجلي، فسار إليه، وأما أنا فتركته عيانا، وهربت إلى فلسطين. فقال معاوية: دعني من هذا! مد يدك فبايعني! قال: لا، لعمر الله، لا أعطيك ديني حتى آخذ من دنياك. قال له معاوية: لك مصر طعمة، فغضب مروان بن الحكم وقال: ما لي لا أستشار؟ فقال معاوية: اسكت، فإنما يستشار بك. فقال له معاوية: يا أبا عبد الله! بت عندنا الليلة، وكره أن يفسد عليه الناس، فبات عمرو، وهو يقول:
معاوي لا أعطيك ديني، ولم أنل * به منك دنيا، فانظرن كيف تصنع فإن تعطني مصرا فأربح بصفقة * أخذت بها شيخا يضر وينفع وما الدين والدنيا سواء، وإنني * لآخذ ما أعطى، ورأسي مقنع ولكني أعطيك هذا، وإنني * لأخدع نفسي، والمخادع يخدع أأعطيك أمرا فيه للملك قوة، * وأبقى له، إن زلت النعل أخدع وتمنعني مصرا، وليست برغبة * وإن ثرى القنوع يوما لمولع فكتب له بمصر شرطا، وأشهد له شهودا، وختم الشرط، وبايعه عمرو، وتعاهدا على الوفاء.
واحتال معاوية لقيس بن سعد بن عبادة عامل علي على مصر، فجعل يكاتبه رجاء أن يستميله، وكتب إليه قيس بن سعد: من قيس بن سعد إلى معاوية بن