فقالوا له: هل عابك أحد بمثل ما عابك به عمرو؟ فلما دخل عليه عمرو قال:
يا ابن النابغة! والله ما زدت ان حرضت الناس علي. قال: والله لقد قلت فيك أحسن ما علمت، ولقد ركبت من الناس، وركبوها منك، فاعتزل إن لم تعتدل! فقال: يا ابن النابغة قمل درعك مذ عزلتك عن مصر.
وسار الركب الذين قدموا من مصر، فلما صاروا في بعض الطريق، إذا براكب على جمل، فأنكروه، ففتشوه، فوجدوا معه صحيفة من عثمان إلى خليفته عبد الله بن سعد: إذا قدم عليك النفر، فاقطع أيديهم وأرجلهم، فقدموا واتفقوا على الخروج، وكان من يأخذون عنه محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة، وكنانة بن بشر، وابن عديس البلوي، فرجعوا إلى المدينة، وكان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك أنه نقصها مما كان يعطيها عمر ابن الخطاب، وصيرها أسوة غيرها من نساء رسول الله، فإن عثمان يوما ليخطب إذ دلت عائشة قميص رسول الله، ونادت: يا معشر المسلمين!
هذا جلباب رسول الله لم يبل، وقد أبلى عثمان سنته! فقال عثمان: رب اصرف عني كيدهن إن كيدهن عظيم.
وحصر ابن عديس البلوي عثمان في داره، فناشدهم الله، ثم نشد مفاتيح الخزائن، فأتوا بها إلى طلحة بن عبيد الله، وعثمان محصور في داره، وكان أكثر من يؤلب عليه طلحة والزبير وعائشة، فكتب إلى معاوية يسأل تعجيل القدوم عليه، فتوجه إليه في اثني عشر ألفا، ثم قال: كونوا بمكانكم في أوائل الشأم، حتى آتي أمير المؤمنين لأعرف صحة أمره، فأتى عثمان، فسأله عن المدة، فقال: قد قدمت لأعرف رأيك وأعود إليهم فأجيئك بهم. قال: لا والله، ولكنك أردت أن أقتل فتقول: أنا ولي الثأر. ارجع، فجئني بالناس! فرجع، فلم يعد إليه حتى قتل.
وصار مروان إلى عائشة، فقال: يا أم المؤمنين! لو قمت فأصلحت بين هذا الرجل وبين الناس؟ قالت: قد فرغت من جهازي، وأنا أريد الحج.