صخر: أما بعد، فإنما أنت وثن من أوثان مكة دخلت في الاسلام كارها، وخرجت منه طائعا. وكتب معاوية إلى سعد بن أبي وقاص: إن أحق الناس بنصر عثمان أهل الشورى من قريش، الذين أثبتوا حقه، واختاروه على غيره، وقد نصره طلحة والزبير، وهما شريكاك في الامر ونظيراك في الاسلام، وخفت لذلك أم المؤمنين، ولا تكرهن ما رضوا، ولا تردن ما قبلوا! فكتب إليه سعد: أما بعد، فإن عمر لم يدخل في الشورى إلا من تحل له الخلافة، فلم يكن أحد منا أحق بها من صاحبه إلا باجتماعنا عليه، غير أن عليا قد كان فيه ما فينا، ولم يكن فينا ما فيه، وأما طلحة والزبير فلو لزما بيوتهما كان خيرا لهما، والله يغفر لام المؤمنين.
وبلغ عليا أن معاوية قد استعد للقتال، واجتمع معه أهل الشأم، فسار على في المهاجرين والأنصار، حتى أتى المدائن، فلقيه الدهاقين بالهدايا، فردها، فقالوا: ولم ترد علينا، يا أمير المؤمنين؟ قال: نحن أغنى منكم بحق أحق بأن نفيض عليكم، ثم صار إلى الجزيرة، فلقيه بطون تغلب والنمر بن قاسط، فسار معه منهم خلق عظيم، ثم سار إلى الرقة، وجل أهلها العثمانية الذين هربوا من الكوفة إلى معاوية، فغلقوا أبوابها، وتحصنوا، وكان أميرهم سماك ابن مخرمة الأسدي، فغلقوا دونه الباب، فصار إليهم الأشتر مالك بن الحارث النخعي، فقال: والله لتفتحن، أو لأضعن فيكم السيف! ففتحوا، وأقام بها أمير المؤمنين يومه.
ثم عبر إلى الجانب الشرقي من الفرات، حتى صار إلى صفين، وقد سبق معاوية إلى الماء ووسعه المناخ، فلما وافى علي وأصحابه لم يصلوا إلى الماء، فتوسل الناس إلى معاوية، وقالوا: لا تقتل الناس عطشا، فيهم العبد والأمة والأجير. فأبى معاوية، وقال: لا سقاني الله، ولا أبا سفيان من حوض رسول الله إن شربوا منه أبدا. فوجه علي الأشتر والأشعث في الخيل، والأشعث ابن قيس في الرجالة، وكانت خيل معاوية مع أبي الأعور السلمي، فقاتله أصحاب