طلحة والزبير فقالا: إنه قد نالتنا بعد رسول الله جفوة، فأشركنا في أمرك!
فقال: أنتما شريكاي في القوة والاستقامة، وعوناي على العجز والأود.
وروى بعضهم أنه ولى طلحة اليمن، والزبير اليمامة والبحرين، فلما دفع إليهما عهديهما قالا له: وصلتك رحم! قال: وإنما وصلتكما بولاية أمور المسلمين. واسترد العهد منهما، فعتبا من ذلك، وقالا: آثرت علينا!
فقال: لولا ما ظهر من حرصكما لقد كان لي فيكما رأي.
وروى بعضهم أن المغيرة بن شعبة قال له: يا أمير المؤمنين! انفذ طلحة إلى اليمن، والزبير إلى البحرين، واكتب بعهد معاوية على الشأم، فإذا استقامت الأمور، فشأنك وما تريده فيهم! فأجابه في ذلك بجواب، فقال المغيرة: والله ما نصحت له قبلها، ولا أنصح له بعدها.
وكانت عائشة بمكة، خرجت قبل أن يقتل عثمان، فلما قضت حجها انصرفت راجعة، فلما صارت في بعض الطريق لقيها ابن أم كلاب، فقالت له: ما فعل عثمان؟ قال: قتل! قالت: بعدا وسحقا! قالت: فمن بايع الناس؟ قال: طلحة. قالت: أيها ذو الإصبع.
ثم لقيها آخر، فقالت: ما فعل الناس؟ قال: بايعوا عليا. قالت: والله ما كنت أبالي أن تقع هذه على هذه. ثم رجعت إلى مكة، وأقام علي أياما، ثم أتاه طلحة والزبير فقالا: إنا نريد العمرة، فأذن لنا في الخروج.
وروى بعضهم أن عليا قال لهما، أو لبعض أصحابه: والله ما أرادا العمرة، ولكنهما أرادا الغدرة. فلحقا عائشة بمكة فحرضاها على الخروج، فأتت أم سلمة بنت أبي أمية، زوج رسول الله، فقالت: إن ابن عمي وزوج أختي أعلماني أن عثمان قتل مظلوما، وأن أكثر الناس لم يرض ببيعة علي، وأن جماعة ممن بالبصرة قد خالفوا، فلو خرجت بنا لعل الله أن يصلح أمر أمة محمد على أيدينا؟ فقالت لها أم سلمة: إن عماد الدين لا يقام بالنساء، حماديات النساء غض الابصار، وخفض الأطراف، وجر الذيول. إن الله وضع عني