معجم البلدان - الحموي - ج ١ - الصفحة ٨
ورد في الأثر عن السادات ممن عبر، قول عيسى بن مريم، عليه السلام: الدنيا محل مثلة، ومنزل نقلة، فكونوا فيها سياحين، واعتبروا ببقية آثار الأولين.
قال قس بن ساعدة الذي حكم له النبي، صلى الله عليه وآله، أنه يبعث أمة وحده: " أبلغ العظات، السير في الفلوات، والنظر إلى محل الأموات ". وقد مدح الشعراء الخلفاء والملوك والأمراء بالسير في البلاد، وركوب الحزون والوهاد. فقال بعضهم يمدح المعتصم:
تناولت أطراف البلاد بقدرة، * كأنك، فيها، تبتغي أثر الخضر وقد تتعذر أسباب النظر، فيتعين التماس الخبر، فوجب لذلك علينا إعلام المسلمين بما علمناه، إرفادهم بما أفادناه الله بفضله فأتقناه، إذ كان الافتقار إلى هذا الشأن يشترك فيه كل من ضرب في العلم بسهم، واختص منه بنصيب أو قسم، أو اتسم منه باسم، أو ارتسم بفن منه أو رسم. وعلى ذلك لم أر من طب سقيم أسمائها، أو قوي على تمتين ضعيف مقاصدها وأنحائها، فإني رأيت جل نقلة الاخبار، وأعيان رواة الاشعار والآثار، ممن عني بها دهره، وأنفد فيها عرضه وعمره حسن الاستمرار على الصواب، والجا حدائق الرشد في كل باب، ضاربا بقداح الفلج في أفانين العلوم والآداب، عند قراءة السنن والآثار، ورواية الأحاديث والاخبار، لتحصيلهم إياها بالمعاني، واستدلالهم على مغزى أوائل الكلم بالثواني، لاخذ بعض الكلام بأهداب بعض، ودلالة أواخره على أوائله، وأوائله على أواخره، حتى يمر بهم ذكر بقعة كانت بها وقعة واقعة، فيختلط لاحتياجه إلى النقل لا العقل، والرواية لا الدراية، فتراه إما غالطا، أو مغالطا، فيخفض من صوته بعد رفعه، ويتكهم ماضي لسانه بقدعه. ثم قلما رأيت الكتب المتقنة الخط، المحتاط لها بالضبط والنقط، إلا وأسماء البقاع فيها مهملة أو محرفة، وعن محجة الصواب منعطفة أو منحرفة، قد أهمله كاتبه جهلا، وصوره على التوهم نقلا.
وكم إمام جليل، ووجه من الأعيان نبيل، وأمير كبير، ووزير خطير، ينسب إلى مكان مجهول، فتراه عند ترجيم الظنون على كل محتمل محمول، فإن سئل عنه أهل المعارف أخذوا بالنصف الأرذل من العلم، وهو لا أدري. وبئست الخطة للرجل الفاضل، فإن التمس لذلك مظنة، أعضل، أو أريغ له مطلب، أعوز وأشكل، لاغفالهم هذا الفن من العلم الخطير مع جلالته، وإعراضهم عن هذا المقصد الكبير مع فخامته. ومن ذا الذي يستغني من أولي البصائر عن معرفة أسماء الأماكن وتصحيحها، وضبط أصقاعها وتنقيحها، والناس في الافتقار إلى عملها سواسية، وسر دورانها على الألسن في المحافل علانية، لان من هذه الأماكن ما هي مواقيت للحجاج والزائرين، ومعالم للصحابة والتابعين، رضوان الله عليهم أجمعين، ومشاهد للأولياء والصالحين، ومواطن غزوات سرايا سيد المرسلين، وفتوح الأئمة من الخلفاء الراشدين.
وقد فتحت هذه الأماكن صلحا وعنوة، وأمانا وقوة، ولكل من ذلك حكم في الشريعة، في قسمة الفئ وأخذ الجزية، وتناول الخراج واجتناء المقاطعات والمصالحات، وإنالة التسويفات والاقطاعات،
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشرين 5
2 ترجمة المؤلف، رحمه الله 6
3 المقدمة 7
4 الباب الأول في صفة الأرض وما فيها من الجبال والبحار وغير ذلك 16
5 الباب الثاني في ذكر الأقاليم السبعة واشتقاقها والاختلاف في كيفيتها 25
6 الباب الثالث في تفسير الألفاظ التي يتكرر ذكرها في هذا الكتاب 35
7 الباب الرابع في أقوال الفقهاء في أحكام أراضي الفيء والغنيمة وكيف قسمة ذلك 44
8 الباب الخامس في جمل من أخبار البلدان 47
9 حرف الهمزة 49
10 باب الهمزة والألف وما يليهما 49
11 باب الهمزة والباء وما يليهما 59
12 باب الهمزة والتاء وما يليهما 87
13 باب الهمزة والثاء المثلثة وما يليهما 89
14 باب الهمزة والجيم وما يليهما 94
15 باب الهمزة والحاء وما يليهما 107
16 باب الهمزة والخاء وما يليهما 118
17 باب الهمزة والدال وما يليهما 125
18 باب الهمزة والذال وما يليهما 127
19 باب الهمزة والراء وما يليهما 133
20 باب الهمزة والزاي وما يليهما 167
21 باب الهمزة والسين وما يليهما 170
22 باب الهمزة والشين وما يليهما 194
23 باب الهمزة والصاد وما يليهما 205
24 باب الهمزة والضاد وما يليهما 213
25 باب الهمزة والطاء المهملة وما يليهما 215
26 باب الهمزة والظاء وما يليهما 219
27 باب الهمزة والعين وما يليهما 220
28 باب الهمزة والغين وما يليهما 223
29 باب الهمزة والفاء وما يليهما 226
30 باب الهمزة والقاف وما يليهما 233
31 باب الهمزة والكاف وما يليهما 239
32 باب الهمزة واللام وما يليهما 242
33 باب الهمزة والميم وما يليهما 249
34 باب الهمزة والنون وما يليهما 257
35 باب الهمزة والواو وما يليهما 273
36 باب الهمزة والهاء وما يليهما 283
37 باب الهمزة والياء وما يليهما 287
38 حرف الباء 298
39 باب الباء مع الهمزة وما يليهما 298
40 باب الباء والألف وما يليهما 302
41 باب الباء والباء أيضا وما يليهما 333
42 باب الباء والتاء وما يليهما 334
43 باب الباء والثاء وما يليهما 337
44 باب الباء والجيم وما يليهما 338
45 باب الباء والحاء وما يليهما 340
46 باب الباء والخاء وما يليهما 353
47 باب الباء والدال وما يليهما 356
48 باب الباء والذال وما يليهما 360
49 باب الباء والراء وما يليهما 362
50 باب الباء والرأي وما يليهما 408
51 باب الباء والسين وما يليهما 412
52 باب الباء والشين وما يليهما 424
53 باب الباء والصاد وما يليهما 429
54 باب الباء والضاد وما يليهما 442
55 باب الباء والطاء وما يليهما 444
56 باب الباء والعين وما يليهما 451
57 باب الباء والغين وما يليهما 455
58 باب الباء والقاف وما يليهما 470
59 باب الباء والكاف وما يليهما 474
60 باب الباء واللام وما يليهما 476
61 باب الباء والميم وما يليهما 494
62 باب الباء والنون وما يليهما 495
63 باب الباء والواو وما يليهما 502
64 باب الباء والهاء وما يليهما 514
65 باب الباء والياء وما يليهما 517