معجم البلدان - الحموي - ج ١ - الصفحة ١٣
أو يتزحزحوا عن مراتب الأئمة والحق، انهم أوردوا ما سمعوه كما وعوه، وإنما يسمى كذابا، إذا وضع حديثا، أو حدث عمن لم يسمع منه، أو روى عمن لم يرو عنه، فأما من يروي ما سمع كما سمع، فهو من الصادقين، والعهدة على من رواه عنه، إلا أن يكون من أهل الاجتهاد فله أن يرويه ثم يزيغه، ولولا ذلك لبطل كثير من الأحاديث، وعلينا الاقتداء بهم، والتمسك بحبلهم. والذي لا يرده ذو مسكة، ولا يرد خلافه ذو حنكة، ان المتعنت تعبان متعب، والمنصف مستريح مريح، ومن ذا الذي أعطي العصمة، وأحاط علما بكل كلمة؟ ومن طلب علما وجد، فإنني أهل لان أزل، وعن درك الصواب بعد الاجتهاد أضل، فمن أراد منا العصمة، فليطلبها لنفسه أولا، فإن أخطأته فقد أقام عذره وأصاب، وإن زعم أنه أدركها فليس من أهل الخطاب، ولما تطاولت في جمع هذا الكتاب الأعوام، وتراد فت في تحصيل فوائده الشهور والأيام، ولم أنته منه إلى غاية أرضاها، وأقف على غلوة مع تواتر الرشق فأقول: هي إياها، ورأيت تعثر قمر ليل الشباب بأذيال كسوف شمس المشيب وانهزامه، وولوج ربيع العمر على قيظ انقضائه بأمارات الهرام وانهدامه، وقفت ههنا راجيا فيه نيل الأمنية، بإهداء عروسه إلى الخطاب قبل المنية، وخشيت بغتة الموت، فبادرت بإبرازه الفوت، على أنني من اقتحام ليل المنية علي قبل تبلج فجره على الآفاق لجد حذر، ومن فلول حد الحرص لعدم المحرض عليه والراغب فيه منتظر، فكيف ثقتي بجيش عمر قد بيتته من كتائب الأمراض المبهمة حواطم المقانب، أو أركن إلى إصباح ليل اعترضتني فيه العوارض من كل جانب.
وعلى ذلك فإنني أقول ولا أحتشم، وأدعو إلى النزال كل علم في العلم ولا أنهزم، إن كتابي هذا أوحد في بابه، مؤمر على أضرابه، لا يقوم بإبراز مثله إلا من أيد بالتوفيق، وركب في طلب فوائده كل طريق، فغار تارة وأنجد، وطوح لاجله بنفسه فأبعد، وتفرغ له في عصر الشبيبة وحرارته، وساعده العمر بامتداده وكفايته، وظهرت منه أمارات الحرص وحركته.
نعم، وإن كنت أستصغر هذه الغاية فهي كبيرة، أو استقلها فهي لعمر الله كثيرة، وأما الاستيعاب فشئ لا يفي به طول الأعمار، ويحول دونه مانعا العجز والبوار، فقطعته والعين طامحة، والهمة إلى طلب الازدياد جامحة، ولو وثقت بمساعدة العمر وامتداده، وركنت إلى توفيقي لرجائي فيه واستعداده، لضاعفت حجمه أضعافا، وزدت في فوائده مئين بل آلافا، ولو التمست نفاق هذا الكتاب وسيرورته، واعتمدت إشاعة ذكره وشهرته، لصغرته بقدر الهمم العصرية، ورغبات أهل الطلب الدنية، ولكني انقدت فيه لنهمتي، وجرني رسن الحرص إلى بعض بواعث همتي، وسألت الله، عز وجل، أن لا يحرمنا ثواب التعب فيه، ولا يكلنا إلى نفسنا فيما نحاوله وننويه، وجائزتي على ما أوضعت إليه ركاب خاطري، وأسهرت في تحصيله بدني وناظري، دعاء المستفيدين، وذكر زكي من المؤمنين، بأن أحشر في زمرة الصالحين.
ولقد التمس مني الطلاب اختصار هذا الكتاب مرارا، فأبيت ولم أجد لي على قصر هممهم أولياء ولا أنصارا، فما انقدت لهم ولا ارعويت، ولي على ناقل هذا الكتاب والمستفيد منه أن لا يضيع نصبي،
(١٣)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشرين 5
2 ترجمة المؤلف، رحمه الله 6
3 المقدمة 7
4 الباب الأول في صفة الأرض وما فيها من الجبال والبحار وغير ذلك 16
5 الباب الثاني في ذكر الأقاليم السبعة واشتقاقها والاختلاف في كيفيتها 25
6 الباب الثالث في تفسير الألفاظ التي يتكرر ذكرها في هذا الكتاب 35
7 الباب الرابع في أقوال الفقهاء في أحكام أراضي الفيء والغنيمة وكيف قسمة ذلك 44
8 الباب الخامس في جمل من أخبار البلدان 47
9 حرف الهمزة 49
10 باب الهمزة والألف وما يليهما 49
11 باب الهمزة والباء وما يليهما 59
12 باب الهمزة والتاء وما يليهما 87
13 باب الهمزة والثاء المثلثة وما يليهما 89
14 باب الهمزة والجيم وما يليهما 94
15 باب الهمزة والحاء وما يليهما 107
16 باب الهمزة والخاء وما يليهما 118
17 باب الهمزة والدال وما يليهما 125
18 باب الهمزة والذال وما يليهما 127
19 باب الهمزة والراء وما يليهما 133
20 باب الهمزة والزاي وما يليهما 167
21 باب الهمزة والسين وما يليهما 170
22 باب الهمزة والشين وما يليهما 194
23 باب الهمزة والصاد وما يليهما 205
24 باب الهمزة والضاد وما يليهما 213
25 باب الهمزة والطاء المهملة وما يليهما 215
26 باب الهمزة والظاء وما يليهما 219
27 باب الهمزة والعين وما يليهما 220
28 باب الهمزة والغين وما يليهما 223
29 باب الهمزة والفاء وما يليهما 226
30 باب الهمزة والقاف وما يليهما 233
31 باب الهمزة والكاف وما يليهما 239
32 باب الهمزة واللام وما يليهما 242
33 باب الهمزة والميم وما يليهما 249
34 باب الهمزة والنون وما يليهما 257
35 باب الهمزة والواو وما يليهما 273
36 باب الهمزة والهاء وما يليهما 283
37 باب الهمزة والياء وما يليهما 287
38 حرف الباء 298
39 باب الباء مع الهمزة وما يليهما 298
40 باب الباء والألف وما يليهما 302
41 باب الباء والباء أيضا وما يليهما 333
42 باب الباء والتاء وما يليهما 334
43 باب الباء والثاء وما يليهما 337
44 باب الباء والجيم وما يليهما 338
45 باب الباء والحاء وما يليهما 340
46 باب الباء والخاء وما يليهما 353
47 باب الباء والدال وما يليهما 356
48 باب الباء والذال وما يليهما 360
49 باب الباء والراء وما يليهما 362
50 باب الباء والرأي وما يليهما 408
51 باب الباء والسين وما يليهما 412
52 باب الباء والشين وما يليهما 424
53 باب الباء والصاد وما يليهما 429
54 باب الباء والضاد وما يليهما 442
55 باب الباء والطاء وما يليهما 444
56 باب الباء والعين وما يليهما 451
57 باب الباء والغين وما يليهما 455
58 باب الباء والقاف وما يليهما 470
59 باب الباء والكاف وما يليهما 474
60 باب الباء واللام وما يليهما 476
61 باب الباء والميم وما يليهما 494
62 باب الباء والنون وما يليهما 495
63 باب الباء والواو وما يليهما 502
64 باب الباء والهاء وما يليهما 514
65 باب الباء والياء وما يليهما 517