معجم البلدان - الحموي - ج ١ - الصفحة ٩
لا يسع الفقهاء جهلها، ولا يعذر الأئمة والأمراء إذا فاتهم في طريق العلم حزنها وسهلها، لأنها من لوازم فتيا الدين، وضوابط قواعد الاسلام والمسلمين.
فأما أهل السير والاخبار، والحديث والتواريخ والآثار، فحاجتهم إلى معرفتها أمس من حاجة الرياض إلى القطار، غب إخلاف الأنواء، والمشفي إلى العافية بعد يأس من الشفاء، لأنه معتمد علمهم الذي قل أن تخلو منه صفحة، بل وجهة، بل سطر من كتبهم.
وأما أهل الحكمة والتفهيم، والتطبب والتنجيم، فلا تقصر حاجتهم إلى معرفته عمن قدمنا، فالأطباء لمعرفة أمزجة البلدان وأهوائها، والمنجم للاطلاع على مطالع النجوم وأنوائها، إذ كانوا لا يحكمون على البلاد إلا بطوالعها، ولا يقضون لها وعليها بدون معرفة أقاليمها ومواضعها، ومن كمال المتطبب أن يتطلع إلى معرفة مزاجها وهوائها، وصحة أو سقم منبتها ومائها، وصارت حاجتهم إلى ضبطها ضرورية، وكشفهم عن حقائقها فلسفية، ولذلك صنف كثير من القدماء كتبا سموها جغرافيا، ومعناها صورة الأرض، ألف آخرون كتبا في أمزجة البلدان وأهوائها، نحو جالينوس، وقبله بقراط وغيرهما.
وأما أهل الأدب فناهيك بحاجتهم إليها، لأنها من ضوابط اللغوي ولوازمه، وشواهد النحوي ودعائمه، ومعتمد الشاعر في تحلية جيد شعره بذكرها، وتزيين عقود لآلئ نظمه بشذرها، فإن الشعر لا يروق، ونفس السامع لا تشوق، حتى يذكر حاجر وزرود، والدهناء وهبود، ويتحنن إلى رمال رضوى، فيلزمه تصحيح لفظ الاسم وأين صقعه، وما اشتقاقه، ونزهته، وقفره وحزنه وسهولته.
فإنه إن زعم أنه واد وكان جبلا، أو جبل وكان صحراء، أو صحراء وكان نهرا، أو نهر وكان قرية، أو قرية وكان شعبا، أو شعب وكان حزما، أو حزم وكان روضة، أو روضة وكان صفصفا، أو صفصف وكان مستنقعا، أو مستنقع وكان جلدا، أو جلد وكان سبخة، أو سبخة وكان حرة، أو حرة وكان سهلا، أو سهل وكان وعرا، أو يجعله شرقيا وكان غريبا، أو جنوبيا وكان شماليا، سفل قدره، ونزر كثره، وآض ضحكة، ويرى أنه ضحكة، وجعل هزأة، ويرى أنه هزأة، واستخف وزنه واسترذل، واستقل فضله واستجهل، فقد ذكر بعض العلماء أنهم استدلوا على أن هذا البيت:
إن بالشعب، الذي دون سلع، * لقتيلا، دمه ما يطل ليس من شعر تأبط شرا، بأن سلعا ليس دونه شعب. ولقد صنف، في عصرنا هذا، إمام، من أهل الأدب، جليل، وشيخ يعتمد عليه ويرجع في حل المشكلات إليه نبيل، كتابا في شرح المقامات، التي أنشأها أبو محمد القاسم بن علي بن محمد الحريري، فطبق مفصل الإصابة في شرح أفانين ضروبها، وغبر في وجه كل من فرغ باله لايضاح مشكلها وغريبها، فإنه بهر العقول وأدهش الأذهان بما ذكره من أسرار بلاغتها، وأظهره من مخزون براعتها، وأوضحه من مكنون معاينها، وأبانه من فتق الألفاظ التي فيها، وأورده من الأشباه والنظائر، وال‍؟ والنواظر، واصطلح الجمهور على تفضيله،
(٩)
مفاتيح البحث: القاسم بن علي (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشرين 5
2 ترجمة المؤلف، رحمه الله 6
3 المقدمة 7
4 الباب الأول في صفة الأرض وما فيها من الجبال والبحار وغير ذلك 16
5 الباب الثاني في ذكر الأقاليم السبعة واشتقاقها والاختلاف في كيفيتها 25
6 الباب الثالث في تفسير الألفاظ التي يتكرر ذكرها في هذا الكتاب 35
7 الباب الرابع في أقوال الفقهاء في أحكام أراضي الفيء والغنيمة وكيف قسمة ذلك 44
8 الباب الخامس في جمل من أخبار البلدان 47
9 حرف الهمزة 49
10 باب الهمزة والألف وما يليهما 49
11 باب الهمزة والباء وما يليهما 59
12 باب الهمزة والتاء وما يليهما 87
13 باب الهمزة والثاء المثلثة وما يليهما 89
14 باب الهمزة والجيم وما يليهما 94
15 باب الهمزة والحاء وما يليهما 107
16 باب الهمزة والخاء وما يليهما 118
17 باب الهمزة والدال وما يليهما 125
18 باب الهمزة والذال وما يليهما 127
19 باب الهمزة والراء وما يليهما 133
20 باب الهمزة والزاي وما يليهما 167
21 باب الهمزة والسين وما يليهما 170
22 باب الهمزة والشين وما يليهما 194
23 باب الهمزة والصاد وما يليهما 205
24 باب الهمزة والضاد وما يليهما 213
25 باب الهمزة والطاء المهملة وما يليهما 215
26 باب الهمزة والظاء وما يليهما 219
27 باب الهمزة والعين وما يليهما 220
28 باب الهمزة والغين وما يليهما 223
29 باب الهمزة والفاء وما يليهما 226
30 باب الهمزة والقاف وما يليهما 233
31 باب الهمزة والكاف وما يليهما 239
32 باب الهمزة واللام وما يليهما 242
33 باب الهمزة والميم وما يليهما 249
34 باب الهمزة والنون وما يليهما 257
35 باب الهمزة والواو وما يليهما 273
36 باب الهمزة والهاء وما يليهما 283
37 باب الهمزة والياء وما يليهما 287
38 حرف الباء 298
39 باب الباء مع الهمزة وما يليهما 298
40 باب الباء والألف وما يليهما 302
41 باب الباء والباء أيضا وما يليهما 333
42 باب الباء والتاء وما يليهما 334
43 باب الباء والثاء وما يليهما 337
44 باب الباء والجيم وما يليهما 338
45 باب الباء والحاء وما يليهما 340
46 باب الباء والخاء وما يليهما 353
47 باب الباء والدال وما يليهما 356
48 باب الباء والذال وما يليهما 360
49 باب الباء والراء وما يليهما 362
50 باب الباء والرأي وما يليهما 408
51 باب الباء والسين وما يليهما 412
52 باب الباء والشين وما يليهما 424
53 باب الباء والصاد وما يليهما 429
54 باب الباء والضاد وما يليهما 442
55 باب الباء والطاء وما يليهما 444
56 باب الباء والعين وما يليهما 451
57 باب الباء والغين وما يليهما 455
58 باب الباء والقاف وما يليهما 470
59 باب الباء والكاف وما يليهما 474
60 باب الباء واللام وما يليهما 476
61 باب الباء والميم وما يليهما 494
62 باب الباء والنون وما يليهما 495
63 باب الباء والواو وما يليهما 502
64 باب الباء والهاء وما يليهما 514
65 باب الباء والياء وما يليهما 517