من مياه الأرض، فإذا امتلأت أجوافهما قامت القيامة. وقال آخرون إن الأرض على الماء، والماء على الصخرة، والصخرة على سنام الثور، والثور على كمكم من الرمل متلبد، والكمكم على ظهر الحوت، والحوت على الريح العقيم، والريح على حجاب من الظلمة، والظلمة على الثرى، وإلى الثرى ينتهي علم الخلائق، ولا يعلم ما وراء ذلك إلا الله. قال الله تعالى: " له ملك السماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى ".
قال عبيد الله إليه مؤلف الكتاب: قد كتبنا قليلا من كثير مما حكي من هذا الباب، وههنا اختلاف وتخليط لا يقف عند حد غير ما ذكرنا لا يكاد ذو تحصيل يسكن إليه، ولا ذو رأي يعول عليه، وإنما هي أشياء تكلم بها القصاص للتهويل على العامة، على حسب عقولهم، لا مستند لها من عقل ولا نقل، وليس في هذا ما يعتمد عليه إلا خبر رواه أبو هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو ما أخبرنا به حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة أبو علي المكبر البغدادي، إذنا، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن المذهب، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، قراءة عليه، فأقرأ به في سنة ست وستين وثلاثمائة، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، رحمه الله، قال: حدثنا أبي، حدثنا شريح، حدثنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال:
بينما نحن عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ مرت سحابة، فقال: أتدرون ما هذه فوقكم؟ قلنا:
الله ورسوله أعلم. قال: هذه العنان، وروايا الأرض، يسوقه إلى من لا يشكره من عباده، ولا يدعونه ربا. أتدرون ما هذه فوقكم؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: الرقيع موج مكفوف، وسقف محفوظ، أتدرون كم بينكم؟ وبينها؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: مسيرة خمسمائة عام.
ثم قال: أتدرون ما الذي فوقها؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: سماء أخرى، أتدرون كم بينكم وبينها؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال مسيرة خمسمائة عام، حتى عد سبع سموات، ثم قال:
أتدرون ما فوق ذلك؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: العرش. ثم قال: أتدرون كم بينكم وبين السماء السابعة؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: مسيرة خمسمائة عام. ثم قال: أتدرون ما هذه تحتكم؟
قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: الأرض، أتدرون ما تحتها؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: أرض أخرى، أتدرون كم بينكم وبينها؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: مسيرة سبعمائة عام، حتى عد سبع أرضين، ثم قال: وأيم الله لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السابعة السفل، لهبط بكم على الله. ثم قرأ: " هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم ". قلت: وهذا حديث صحيح، أخرجه أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، عن عبد بن حميد، عن يونس، عن شيبان بن عبد الرحمن، عن قتادة، عن الحسن البصري، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، وفي لفظ الخبر اختلاف والمعنى واحد. انتهى.