معجم البلدان - الحموي - ج ١ - الصفحة ٢١
واختلفوا في البحار والمياه والأنهار فروى المسلمون أن الله خلق البحر مرا زعاقا، وأنزل من السماء الماء العذب كما قال الله تعالى: " وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض ". وكل ماء عذب من بئر أو نهر، من ذلك، فإذا اقتربت الساعة بعث الله ملكا معه طشت، فجمع تلك المياه فردها إلى الجنة. ويزعم أهل الكتاب أن أربعة أنهار تخرج من الجنة: الفرات وسيحون وجيحون ودجلة، وذلك أنهم يزعمون أن الجنة في مشارق الأرض.
وأما كيفية وضع البحار في المعمورة، فأحسن ما بلغني فيه ما حكاه أبو الريحان البيروني، فقال أما البحر الذي في مغرب المعمورة وعلى ساحل بلاد طنجة والأندلس، فإنه سمي البحر المحيط، وسماه اليونانيون أوقيانوس، ولا يلجج فيه، إنما يسلك بالقرب من ساحله، وهو يمتد من عنده هذه البلاد نحو الشمال على محاذاة أرض الصقالبة، ويخرج منه خليج عظيم في شمال الصقالبة، ويمتد إلى قرب أرض بلغار بلاد المسلمين، ويعرفونه ببحر ورنك، وهم أمة على ساحله، ثم ينحرف وراءهم نحو المشرق، وبين ساحله وبين أقصى أرض الترك أرضون وجبال مجهولة خربة غير مسلوكة. وأما امتداد البحر المحيط الغربي من أرض طنجة نحو الجنوب، فإنه ينحرف على جنوب أرض سودان المغرب وراء الجبال المعروفة بجبال القمر التي تنبع منها عيون نيل مصر، وفي سلوكه غزر لا تنجو منه سفينة.
وأما البحر المحيط من جهة الشرق وراء أقاصي أرض الصين، فإنه أيضا غير مسلوك ويتشعب منه خليج يكون منه البحر الذي يسمي في كل موضع من الأرض التي تحاذيه، فيكون ذلك أولا بحر الصين، ثم الهند، وخرج منه خلجان عظام يسمى كل واحد منها بحرا على حدة، كبحر فارس والبصرة، الذي على شرقيه تيز ومكران، وعلى غريبه في حياله فرضة عمان، فإذا جاوزها بلغ بلاد الشحر التي يجلب منها الكندر، ومر إلى عدن، وانشعب منه هناك خليجان عظيمان، أحدهما المعروف بالقلزم، وهو ينعطف فيحيط بأرض العرب حتى تصير به كجزيرة، ولان الحبشة عليه بحذاء اليمن فإنه يسمى بهما، فيقال لجنوبيه بحر الحبشة، وللشمالي بحر اليمن، ولمجموعهما بحر القلزم، وإنما اشتهر بالقلزم لان القلزم مدينة على منقطعه في أرض الشام حيث يستدق ويستدير عليه السائر على الساحل نحو أرض البجة. والخليج الآخر المقدم ذكره، هو المعروف ببحر البربر، يمتد من عدن إلى سفالة الزنج، ولا يتجاوزها مركب لعظم المخاطرة فيه ويتصل بعدها ببحر أوقيانوس المغربي، وفي هذا البحر من نواحي المشرق جزائر الرانج، ثم جزائر الديبجات، وقمير، ثم جزائر الزابج، ومن أعظم هذه الجزائر، الجزيرة المعروفة بسر نديب، ويقال لها بالهندية سنكاديب، ومنها تجلب أنواع اليواقيت جميعها، ومنها يجلب الرصاص القلعي، وسربزه ومنها يجلب الكافور. ثم في وسط المعمورة في أرض الصقالبة والروس، بحر يعرف ببنطس عند اليونانيين، وعندنا يعرف ببحر طرابزندة، لأنها فرضة عليه، ويخرج منه خليج يمر على سور مدينة القسطنطينية، ولا يزال يتضايق حتى يقع في بحر الشام الذي على جنوبيه بلاد المغرب إلى الإسكندرية ومصر، وبحذائها في الشمال أرض الأندلس والروم، وينصب إلى البحر المحيط عند الأندلس في مضيق يذكر في الكتب بمعبرة هير قلس،
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشرين 5
2 ترجمة المؤلف، رحمه الله 6
3 المقدمة 7
4 الباب الأول في صفة الأرض وما فيها من الجبال والبحار وغير ذلك 16
5 الباب الثاني في ذكر الأقاليم السبعة واشتقاقها والاختلاف في كيفيتها 25
6 الباب الثالث في تفسير الألفاظ التي يتكرر ذكرها في هذا الكتاب 35
7 الباب الرابع في أقوال الفقهاء في أحكام أراضي الفيء والغنيمة وكيف قسمة ذلك 44
8 الباب الخامس في جمل من أخبار البلدان 47
9 حرف الهمزة 49
10 باب الهمزة والألف وما يليهما 49
11 باب الهمزة والباء وما يليهما 59
12 باب الهمزة والتاء وما يليهما 87
13 باب الهمزة والثاء المثلثة وما يليهما 89
14 باب الهمزة والجيم وما يليهما 94
15 باب الهمزة والحاء وما يليهما 107
16 باب الهمزة والخاء وما يليهما 118
17 باب الهمزة والدال وما يليهما 125
18 باب الهمزة والذال وما يليهما 127
19 باب الهمزة والراء وما يليهما 133
20 باب الهمزة والزاي وما يليهما 167
21 باب الهمزة والسين وما يليهما 170
22 باب الهمزة والشين وما يليهما 194
23 باب الهمزة والصاد وما يليهما 205
24 باب الهمزة والضاد وما يليهما 213
25 باب الهمزة والطاء المهملة وما يليهما 215
26 باب الهمزة والظاء وما يليهما 219
27 باب الهمزة والعين وما يليهما 220
28 باب الهمزة والغين وما يليهما 223
29 باب الهمزة والفاء وما يليهما 226
30 باب الهمزة والقاف وما يليهما 233
31 باب الهمزة والكاف وما يليهما 239
32 باب الهمزة واللام وما يليهما 242
33 باب الهمزة والميم وما يليهما 249
34 باب الهمزة والنون وما يليهما 257
35 باب الهمزة والواو وما يليهما 273
36 باب الهمزة والهاء وما يليهما 283
37 باب الهمزة والياء وما يليهما 287
38 حرف الباء 298
39 باب الباء مع الهمزة وما يليهما 298
40 باب الباء والألف وما يليهما 302
41 باب الباء والباء أيضا وما يليهما 333
42 باب الباء والتاء وما يليهما 334
43 باب الباء والثاء وما يليهما 337
44 باب الباء والجيم وما يليهما 338
45 باب الباء والحاء وما يليهما 340
46 باب الباء والخاء وما يليهما 353
47 باب الباء والدال وما يليهما 356
48 باب الباء والذال وما يليهما 360
49 باب الباء والراء وما يليهما 362
50 باب الباء والرأي وما يليهما 408
51 باب الباء والسين وما يليهما 412
52 باب الباء والشين وما يليهما 424
53 باب الباء والصاد وما يليهما 429
54 باب الباء والضاد وما يليهما 442
55 باب الباء والطاء وما يليهما 444
56 باب الباء والعين وما يليهما 451
57 باب الباء والغين وما يليهما 455
58 باب الباء والقاف وما يليهما 470
59 باب الباء والكاف وما يليهما 474
60 باب الباء واللام وما يليهما 476
61 باب الباء والميم وما يليهما 494
62 باب الباء والنون وما يليهما 495
63 باب الباء والواو وما يليهما 502
64 باب الباء والهاء وما يليهما 514
65 باب الباء والياء وما يليهما 517