القسمة ولم يلتفت إليها. ثم قال: نحن إذا تأملنا الاختلافات التي تلحق الليل والنهار من ولوج أحدهما على الآخر، على طرفي الصيف والشتاء، فالذي يحدث في الهواء من احتدام الحر وكلب البرد وما يتبع ذلك من تأثير الأرض والماء بهما، وجدناها بحسب الامعان، في جهتي الشمال والجنوب فقط، وإننا متى لزمنا نحو المشرق والمغرب مدارا واحدا لا يقربنا سلوكه من شمال أو جنوب، لم يختلف علينا شئ مما وجوده بالإضافة إلى الآفاق بتة، اللهم إلا الانتقال من صرود إلى جروم، أو عكسه مما لا يوجبه ذلك السمت، إنما يتفق من جهة الانجاد والأغوار، وأوضاع أحدهما من الآخر فيه وتقدم الطلوع والغروب وتأخر هما، إلا أنه ليس بمعلوم بالاحساس وإنما يتوصل إليه بالنظر والقياس، فإذا قسمنا المعمورة عرضا بحسب الاختلاف والتغاير، على أقسام متوازية في طول الأرض، ليتفق كل قسم في المشارق والمغارب على حال واحدة بالتقريب، كان أصوب من أن نقسمهما بغير ذلك من الخطوط. ثم تأمل النهار الأطول والأقصر، فإن النظر فيهما، لتكافئهما، واحد.
فوجده من جهة الشمال حيث الناس متمدنون، وعلى قضايا الاعتدال خلقا وخلقا مجتمعون، دون