معجم البلدان - الحموي - ج ١ - الصفحة ٢٣
الاستحالات، فطعم كل ماء على طعم تربته.
واختلفوا في الجبال، قال الله تعالى: وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم، وقال: ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا. وحكي عن بعض اليونان أن الأرض كانت في الابتداء تكفأ لصغرها، وعلى طول الزمان تكاثفت وثبتت، وهذا القول يصدقه القرآن لو أنه زاد فيه أنها تثبت بالجبال ومنهم من زعم أن الجبال عظام الأرض وعروقها.
واختلفوا فيما تحت الأرض، فزعم بعض القدماء أن الأرض يحيط بها الماء، والماء يحيط به الهواء، والهواء يحيط به النار، والنار يحيط بها السماء الدنيا، ثم الثانية، ثم الثالثة، إلى السابعة، ثم يحيط بها فلك الكواكب الثابتة، ثم فوق ذلك الفلك الأعظم المستقيم، ثم فوقه عالم النفس، وفوق عالم النفس عالم العقل، وفوق عالم العقل الباري، جلت عظمته، ليس وراءه شئ.
فعلى هذا الترتيب ان السماء تحت الأرض كما هي فوقها. وفي أخبار قصاص المسلمين أشياء عجيبة تضيق بها صدور العقلاء، أنا أحكي بعضها غير معتقد لصحتها: رووا أن الله تعالى خلق الأرض تكفأ كما تكفأ السفينة فبعث الله ملكا حتى دخل تحت الأرض، فوضع الصخرة على عاتقه، ثم أخرج يديه:
إحداهما بالمشرق، والأخرى بالمغرب، ثم قبض على الأرضين السبع فضبطها، فاستقرت، ولم يكن لقدمه قرار، فأهبط الله ثورا من الجنة له أربعون ألف قرن وأربعون ألف قائمة، فجعل قرار قدمي الملك على سنامه، فلم تصل قدماه إليه، فبعث الله ياقوتة خضراء من الجنة، مسيرها كذا ألف عام، فوضعها على سنام الثور، فاستقرت عليها قدماء، وقرون الثور خارجة من أقطار الأرض، مشبكة تحت العرش، ومنخر الثور في ثقبين من تلك الصخرة تحت البحر، فهو يتنفس كل يوم نفسين، فإذا تنفس مد البحر وإذا رده جزر، ولم يكن لقوائم الثور قرار، فخلق الله تعالى كمكما كغلظ سبع سموات وسبع أرضين، فاستقرت عليها قوائم الثور، ثم لم يكن للكمكم مستقر فخلق الله تعالى حوتا يقال له: بلهوت، فوضع الكمكم على وبر ذلك الحوت، والوبر الجناح الذي يكون في وسط ظهر السمكة، وذلك الحوت على ظهر الريح العقيم، وهو مزموم بسلسلة، كغلظ السماوات والأرضين، معقودة بالعرش. قالوا ثم إن إبليس انتهى إلى ذلك الحوت، فقال له: إن الله لم يخلق خلقا أعظم منك، فلم لا تزلزل الدنيا؟ فهم بشئ من ذلك، فسلط الله عليه بقة في عينيه فشغلته، وزعم بعضهم أن الله سلط عليه سمكة كالشطبة، فهو مشغول بالنظر إليها ويهابها.
قالوا: وأنبت الله تعالى من تلك الياقوتة التي على سنام الثور، جبل قاف، فأحاط بالدنيا، فهو من ياقوتة خضراء، فيقال، والله أعلم، إن خضرة السماء منه، ويقال إن بينه وبين السماء قامة رجل، وله رأس ووجه ولسان، وأنبت الله تعالى من قاف الجبال، وجعلها أوتادا للأرض كالعروق للشجر، فإذا أراد الله، عز وجل، أن يزلزل بلدا، أوحى الله إلى ذلك الملك: أن زلزل ببلد كذا، فيحرك عرقا مما تحت ذلك البلد، فيتزلزل، وإذا أراد أن يخسف ببلد أوحى الله إليه: أن اقلب العرق الذي تحته، فيقلبه فيخسف البلد. وزعم وهب بن منبه، أن الثور والحوت يبتلعان ما ينصب
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشرين 5
2 ترجمة المؤلف، رحمه الله 6
3 المقدمة 7
4 الباب الأول في صفة الأرض وما فيها من الجبال والبحار وغير ذلك 16
5 الباب الثاني في ذكر الأقاليم السبعة واشتقاقها والاختلاف في كيفيتها 25
6 الباب الثالث في تفسير الألفاظ التي يتكرر ذكرها في هذا الكتاب 35
7 الباب الرابع في أقوال الفقهاء في أحكام أراضي الفيء والغنيمة وكيف قسمة ذلك 44
8 الباب الخامس في جمل من أخبار البلدان 47
9 حرف الهمزة 49
10 باب الهمزة والألف وما يليهما 49
11 باب الهمزة والباء وما يليهما 59
12 باب الهمزة والتاء وما يليهما 87
13 باب الهمزة والثاء المثلثة وما يليهما 89
14 باب الهمزة والجيم وما يليهما 94
15 باب الهمزة والحاء وما يليهما 107
16 باب الهمزة والخاء وما يليهما 118
17 باب الهمزة والدال وما يليهما 125
18 باب الهمزة والذال وما يليهما 127
19 باب الهمزة والراء وما يليهما 133
20 باب الهمزة والزاي وما يليهما 167
21 باب الهمزة والسين وما يليهما 170
22 باب الهمزة والشين وما يليهما 194
23 باب الهمزة والصاد وما يليهما 205
24 باب الهمزة والضاد وما يليهما 213
25 باب الهمزة والطاء المهملة وما يليهما 215
26 باب الهمزة والظاء وما يليهما 219
27 باب الهمزة والعين وما يليهما 220
28 باب الهمزة والغين وما يليهما 223
29 باب الهمزة والفاء وما يليهما 226
30 باب الهمزة والقاف وما يليهما 233
31 باب الهمزة والكاف وما يليهما 239
32 باب الهمزة واللام وما يليهما 242
33 باب الهمزة والميم وما يليهما 249
34 باب الهمزة والنون وما يليهما 257
35 باب الهمزة والواو وما يليهما 273
36 باب الهمزة والهاء وما يليهما 283
37 باب الهمزة والياء وما يليهما 287
38 حرف الباء 298
39 باب الباء مع الهمزة وما يليهما 298
40 باب الباء والألف وما يليهما 302
41 باب الباء والباء أيضا وما يليهما 333
42 باب الباء والتاء وما يليهما 334
43 باب الباء والثاء وما يليهما 337
44 باب الباء والجيم وما يليهما 338
45 باب الباء والحاء وما يليهما 340
46 باب الباء والخاء وما يليهما 353
47 باب الباء والدال وما يليهما 356
48 باب الباء والذال وما يليهما 360
49 باب الباء والراء وما يليهما 362
50 باب الباء والرأي وما يليهما 408
51 باب الباء والسين وما يليهما 412
52 باب الباء والشين وما يليهما 424
53 باب الباء والصاد وما يليهما 429
54 باب الباء والضاد وما يليهما 442
55 باب الباء والطاء وما يليهما 444
56 باب الباء والعين وما يليهما 451
57 باب الباء والغين وما يليهما 455
58 باب الباء والقاف وما يليهما 470
59 باب الباء والكاف وما يليهما 474
60 باب الباء واللام وما يليهما 476
61 باب الباء والميم وما يليهما 494
62 باب الباء والنون وما يليهما 495
63 باب الباء والواو وما يليهما 502
64 باب الباء والهاء وما يليهما 514
65 باب الباء والياء وما يليهما 517