مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة متفننا في علوم جمة عاملا بعلمه ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ وكرم النفس والتدين، وكان له في الأدب والشعر نفس واسع وباع طويل ما رأيت من يقول الشعر على البديهة أسرع منه، وشعره كثير جمعته على حروف المعجم.
قال أبو القاسم صاعد: كان أبو ه أبو عمر احمد من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر ثم وزر [للمظفر بن المنصور 1] ووزر أبو محمد للمستظهر بالله عبد الرحمن بن هشام ثم نبذ الوزارة وأقبل على العلم وبرع في المنطق ثم أعرض عنه وأقبل على علوم الاسلام فنال ما لم ينله أحد.
وقال اليسع بن حزم الغافقي: اما محفوظ أبى محمد فبحر عجاج وماء ثجاج يخرج من بحره مرجان الحكم وينبت بثجاجه ألفاف النعم في رياض الهمم، لقد حفظ علوم المسلمين وأربى على أهل كل دين. وألف الملل والنحل، كان أولا يلبس الحرير ولا يرضى من المكانة إلا بالسرير، مدح المعتمد فأجاد وقصد بلنسية وبها المظفر أحد الأطواد حدثني عنه عمر بن واجب قال: بينما نحن عند أبي ببلنسية وهو يدرس المذهب إذا بأبي محمد بن حزم يسمعنا ويتعجب ثم سأل الحاضرين عن شئ من الفقه جوب عليه فاعترض فيه فقال له بعض الحضار: هذا العلم ليس من منتحلاتك، فقام وقعد ودخل منزله فعكف ووكف منه وابل فما كف، وما كان بعد أشهر قريبة حتى قصدنا إلى ذلك الموضع فناظر أحسن مناظرة قال فيها: انا اتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب.