وما أحسن التقوى ويزينه العلم، وما أحسن العلم ويزينه الحلم، وما أحسن الحلم ويزينه الرفق.
وقال ضمرة، عن إبراهيم بن أبي عبلة: كنا نجلس إلى عطاء الخراساني فكان يدعو بعد الصبح بدعوات، قال: فغاب، فتكلم رجل من المؤذنين، فأنكر رجاء بن حيوة صوته، فقال رجاء: من هذا؟ قال:
أنا يا أبا المقدام، فقال: اسكت، فإنا نكره أن نسمع الخير إلا من أهله.
وقال صفوان بن صالح، عن عبد الله بن كثير القارئ، عن عبد الرحمان بن يزيد بن جابر: كنا مع رجاء بن حيوة فتذاكرنا شكر النعم، فقال: ما أحد يقوم بشكر نعمة، وخلفنا رجل على رأسه كساء فكشف الكساء عن رأسه، فقال: ولا أمير المؤمنين؟ قلنا: وما ذكر أمير المؤمنين ها هنا؟ إنما أمير المؤمنين رجل من الناس. فغفلنا عنه، فالتفت رجاء فلم يره، فقال: أتيتم من صاحب الكساء، ولكن إن دعيتم واستحلفتم فاحلفوا. فما علمنا إلا وبحرسي قد أقبل فقال: أجيبوا أمير المؤمنين. فأتينا باب هشام، فأذن لرجاء من بيننا، فلما دخل عليه، قال:
هيه يا رجاء يذكر أمير المؤمنين فلا تحتج له؟ قال: فقلت: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: ذكرتم شكر النعم فقلتم: ما أحد يقوم بشكر نعمة، قيل لكم: ولا أمير المؤمنين، فقلتم: أمير المؤمنين رجل من الناس. فقلت:
لم يكن ذلك. قال: آلله؟ قلت: آلله. قال رجاء: فأمر بذلك الساعي فضرب سبعون سوطا، وخرجت وهو متلوث في دمه، فقال: هذا وأنت ابن حيوة!! قلت: سبعون سوطا في ظهرك خير من دم مؤمن. قال ابن جابر: وكان رجاء بن حيوة بعد ذلك إذا جلس في مجلس التفت فقال: احذروا صاحب الكساء. (*)