هكذا يفعل بأوليائكم يا أمير المؤمنين؟ قال: فأبيض وجهه كأنه القمر ليلة البدر، فأنشأ يقول:
أحب الذي من مات من أهل وده * تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحك ومن مات يهوى غيره من عدوه * فليس له إلا إلى النار مسلك أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي * ومالي وما أصبحت في الأرض أملك أبا حسن إني بفضلك عارف * وإني بحبل من هواك لممسك وأنت وصي المصطفى وابن عمه * فإنا نعادي مبغضيك ونترك مواليك ناج مؤمن بين الهدى * وقاليك معروف الضلالة مشرك ولاح لحاني في علي وحزبه * فقلت لحاك الله إنك أعفك وحدثني نصر بن الصباح، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن بكير، عن محمد بن النعمان، قال:
دخلت على السيد ابن محمد وهو لما به قد اسود وازرقت عيناه وعطش كبده (وسلب الكلام) وهو يومئذ يقول بمحمد بن الحنفية وهو من حشمه، وكان ممن يشرب المسكر، فجئت وكان قد قدم أبو عبد الله عليه السلام الكوفة لأنه كان انصرف من عند أبي جعفر المنصور، فدخلت على أبي عبد الله فقلت: جعلت فداك إني فارقت السيد ابن محمد الحميري وهو لما به قد اسود وجهه، وازرقت عيناه، وعطش كبده، وسلب الكلام، فإنه كان يشرب المسكر، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إسرجوا حماري، فأسرج له فركب ومضى ومضيت معه حتى دخلنا على السيد وإن جماعة محدقون به، فجلس أبو عبد الله (عليه السلام) عند رأسه وقال: يا سيد، ففتح عينيه ينظر إلى أبي عبد الله عليه السلام ولا يمكنه الكلام وقد اسود وجهه فجعل يبكي، وعينه إلى أبي عبد الله عليه السلام ولا يمكنه الكلام وإنا لنتبين فيه أنه يريد الكلام ولا يمكنه، فرأينا أبا عبد الله عليه السلام حرك شفتيه فنطق السيد فقال: جعلني الله فداك أبأوليائك يفعل هذا،