(فضل الدراية عند العلماء) قال الشهيد الثاني رحمه الله: وأما علم الحديث فهو من أجل العلوم قدرا وأعلاها رتبة وأعظمها مثوبة بعد القرآن... وهو ضربان: رواية ودراية... والثاني وهو المراد بعلم الحديث عند الإطلاق، وهو علم يعرف به معاني ما ذكر ومتنه وطرقه وصحيحه وسقيمه وما يحتاج إليه من شروط الرواية، وأصناف المرويات، ليعرف المقبول منه والمردود، ليعمل به، أو يجتنب. وهو أفضل العلمين، فإن الغرض الذاتي منهما هو العمل، والدراية هي السبب القريب له (1).
قال المحدث النوري رحمه الله: اعلم أن علم الحديث علم شريف، بل هو أشرف العلوم، فإن غايته الفوز بالسعادة الأبدية والتحلي بالسنن النبوية، والآداب العلوية، وبه يدرك الفوز بالمعارف الحقة ما لا يدرك من غيره.
ومنه يتبين الحلال والحرام، والفرائض والسنن، وطرق تهذيب النفس وصفاتها (2).
قال صاحب المعالم رحمه الله: إن إعطاء الحديث حقه من الرواية والدراية، أمر مهم لمن أراد التفقه في الدين... وقد كان للسلف الصالح رضوان الله عليهم، مزيد اعتناء بشأنه وشدة اهتمام بروايته وعرفانه...، ثم خلف من بعدهم خلف، أضاعوا حقه وجهلوا قدره، فاقتصروا من روايته على أدنى مراتبها وألقوا حبل درايته على غاربها (3).