الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ٣ - الصفحة ١٢٩
وابناه: علي ومحمد المرتضى والرضي (1) - رحمهما الله - وهما فريدا
(١) السيد الشريف الرضي شخصية من الشخصيات الشهيرة في العلم والأدب لا تخلو الكتب العلمية والأدبية من ذكره وإطرائه، وقد ألفت رسائل عديدة في حياته، وذكر أدواره مع ملوك زمانه وعلماء وأدباء عصره، وقد أذعن له كل قاص ودان، وعالم وأديب، وطبق صيته الآفاق، فهو شخصية فذة قلما سمح الزمان بمثلها ومثل أخيه المرتضى - السابق الذكر -، وقد ألف شيخنا المرحوم العلامة الكبير الحجة الشيخ عبد الحسين الحلي النجفي المتوفى سنة ١٣٧٥ ه، رسالة ثمينة في حياته جعلها كمقدمة لتفسير المترجم له (حقائق التأويل) المطبوع في النجف الأشرف سنة ١٣٥٥ ه، ذلك التفسير الجليل الذي قال فيه ابن جني - أستاذه -:
(صنف الرضي كتابا في معاني القرآن يتعذر وجود مثله). ورسالة شيخنا الحلي - رحمه الله - خير رسالة ألمت بحياة المترجم له، فقد بحث فيها نسبه، وتأثيره في نفسيته، ومولده ونشأته، وأسرته لأبيه، وأسرته لامه، والدور العضدي، ودور الطائع وشرف الدولة، ودور القادر وبهاء الدولة، وصلته بالقادر العباسي، وصلته بشرف الدولة وبهاء الدولة، وألقابه، وقال: (إبتدأ بهاء الدولة بتلقيب الشريف سنة ٣٨٨ ه، بالشريف الاجل، وفي سنة ٣٩٢ ه، صدر أمره من واسط بتلقيبه بذي المنقبتين، وفي سنة ٣٩٨ ه لقبه - وهو بالبصرة - بالرضي ذي الحسبين) ثم ذكر شيخنا الحلي في الرسالة المذكورة عناوين عديدة تحلى بها الشريف الرضي، وبحث فيها بحثا مسهبا شيقا، وتحدث (ص ٧٨) تحت عنوان (مناصبه) عن ثلاثة عناوين: النقابة على الطالبيين خاصة في ملاك وظائف الدولة، وولاية ديوان المظالم، وإمارة الحاج، ثم ذكرت الرسالة (ص ٨٣) تحت عنوان (علمه) شهرته العلمية وتأثير أعماله وشعره على التأليف، ومدرسته (دار العلم) ومكتبتها، ومجمعه الأدبي، قال: (ينبئنا ابن خلكان أنه اتخذ لتلامذته عمارة سماها (دار العلم) وأرصد لها مخزنا فيه جميع حاجياتهم من ماله) ثم ذكرت الرسالة (ص ٨٧) أساتذته من العامة والخاصة، ومؤلفاته في فنون الأدب والعلوم الدينية التي منها (نهج البلاغة) من كلام الامام أمير المؤمنين علي - عليه السلام - ذلك الكتاب الجليل الذي تغني شهرته عن التعريف به والذي شرح شروحا عديدة من الخاصة والعامة وطبع العديد منها، ثم ذكرت الرسالة (ص ٩٤) تحت عنوان (أدبه) ميزة شعره، ومقارنته بالمتنبي، وأسلوبه الانشائي، ومديحه، وهجاءه، ومبالغته ورثاءه، وحماسته، والنسيب، والغزل، والشعر الوصفي، والحكم والأمثال.
ثم ذكرت الرسالة (ص ٩٥) أنه: (أعجب بشعره الصاحب بن عباد - نيقد الشعر - الذي يعيب شعر المتنبي وينقده نقدا مرا، فأنفذ إلى بغداد من ينسخ له ديوانه، وكتب إليه بذلك سنة ٣٨٥، وعندما سمح له به وأنفذه مدحه بقصيدة) ثم انتهت الرسالة بذكر وفاته ومدفنه، وذكرت أنه رثاه جماعة الأدباء في عصره منهم: سليمان بن فهد، ومهيار الديلمي، وأخوه الشريف المرتضى.
وقد ترجم للشريف الرضي معاصره الثعالبي المتوفى سنة ٤٢٩ ه، في (يتيمة الدهر: ج ٣ ص ١١٦) طبع مصر سنة ١٣٥٣ ه، ومما قال: (... ابتدأ بقول الشعر بعد أن جاوز العشر سنين بقليل، وهو - اليوم - أبدع أبناء الزمان، وأنجب سادة العراق، - يتحلى - مع محتده الشريف، ومفخره المنيف - بأدب ظاهر وفضل باهر، وحظ من جميع المحاسن وافر، ثم هو أشعر الطالبيين من مضى منهم ومن غبر، على كثرة شعرائهم المفلقين، كالحماني، وابن طباطبا، وابن الناصر، وغيرهم، ولو قلت: إنه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق). ثم ذكر شيئا من شعره مما هو مثبت في ديوانه المطبوع.
وترجم له أيضا أبو الحسن الباخرزي المتوفى سنة ٤٦٧ ه في (دمية القصر:
ص ٧٣) طبع حلب سنة ١٣٤٨ ه، ومما قال: (له صدر الوسادة، من بين الأئمة والسادة، وأنا إذا مدحته كنت كمن قال لذكاء ما أنورك، ولخضارة ما أغزرك وله شعر إذا افتخر به أدرك من المجد أقاصيه، وعقد بالنجم نواصيه، وإذا نسب انتسب رقة الهواء إلى نسيبه، وفاز بالقدح المعلى في نصيبه... ولعمري إن بغداد قد أنجبت به فبوأته ظلالها، وأرضعته زلالها، وأنشقته شمالها، وورد شعره دجلتها فشرب منها حتى شرق، وانغمس فيها حتى كاد يقال: غرق، فكلما أنشدت محاسن كلامه تنزهت بغداد في نضرة نعيمها، واستنشقت من أنفاس الهجير بمراوح نسيمها). ثم ذكر شيئا من شعره مما هو مثبت في ديوانه المطبوع.
وترجم له ابن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ ه في (المنتظم: ج ٧ ص ٢٧٩) طبع حيدر آباد دكن سنة ١٣٥٨ ه، قال: (... ولقبه بهاء الدولة بالرضي ذي الحسبين ولقب أخاه بالمرتضى ذي المجدين، وكان الرضي نقيب الطالبيين ببغداد حفظ القرآن في مدة يسيرة بعد أن جاوز ثلاثين سنة، وعرف من الفقه والفرائض طرفا قويا، وكان عالما فاضلا، وشاعرا مترسلا، عفيفا عالي الهمة متدينا... وتوفي الرضي يوم الأحد لست خلون من محرم سنة ٤٠٦ ه، وحضره الوزير فخر الملك وجميع الاشراف والقضاة والشهود والأعيان، ودفن في داره بمسجد الأنباريين، ومضى أخوه المرتضى إلى المشهد بمقابر قرش لأنه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته ودفنه، وصلى عليه الوزير فخر الملك في الدار مع جماعة منهم أبو عبد الله بن المهلوس العلوي، ثم دخل الناس أفواجا فصلوا عليه، وركب فخر الملك في آخر النهار فعزى المرتضى وألزمه العود إلى داره ففعل، وكان مما رثاه أخوه المرتضى...). ثم ذكر شيئا من قصيدته الرثائية الموجودة في ديوانه المطبوع.
وترجم له السيد علي خان في الدرجات الرفيعة (ص ٤٦٦ إلى ص ٤٨٠) وقال: (إنه نقل الرضي إلى مشهد الحسين بكربلاء فدفن عند أبيه، ورثاه أخوه المرتضى بقصيدة، ورثاه أيضا تلميذه مهيار بن مرزويه الكاتب بقصيدة لم أسمع في باب المراثي أبلغ منها).
وللشريف الرضي ولد ذكره القاضي نور الله التستري في (مجالس المؤمنين:
ج ١ ص ٥٠٦) طبع إيران سنة ١٣٧٥ ه، وأثنى عليه، وهو الشريف المرتضى أبو أحمد عدنان، وذكر أنه لما مات عمه المرتضى فوضت إليه نقابة العلويين، وكان عظيم الشأن معظما عند ملوك آل بويه، ومدحه شعراء عصره كابن الحجاج ومهيار وغيرهما، وذكره صاحب (أمل الامل) فقال: (كان فاضلا جليلا كريما). ثم نقل ما ذكره صاحب مجالس المؤمنين.
وترجم لابي أحمد عدنان أيضا صاحب (الدرجات الرفيعة: ص ٤٨٠)، وابن عنبة النسابة في (عمدة الطالب: ص ٢٠٠) بعد أن ترجم لأبيه الشريف ترجمة ممتعة - فقال: (ولد الرضي أبو الحسن محمد: أبا أحمد عدنان يلقب الطاهر ذا المناقب لقب جده أبي أحمد الحسين بن موسى، تولى نقابة الطالبيين ببغداد على قاعدة جده وأبيه، قال أبو الحسن العمري: هو الشريف العفيف المتميز في سداده وصونه، رأيته يعرف علم العروض، وأظنه يأخذ ديوان أبيه، ووجدته يحسن الاستماع، ويتصور ما ينبذ إليه (هذا كلامه) - أي كلام أبي الحسن العمري - وانقرض الرضي، وانقرض بانقراضه وانقراض أخيه عقب أبي أحمد الموسوي).
قال صاحب (الدرجات الرفيعة: ص ٤٨٠) - بعد أن ذكر ما أورده صاحب عمدة الطالب -: (قال المؤلف ورأيت في مشجرة معتمد عليها أن أبا أحمد عدنان المذكور أولد ولدا اسمه (علي) لكنه درج ولم يعقب فانقرض بانقراضه عقب الشريف - رضي الله عنه -).
وممن ترجم للشريف الرضي أيضا النجاشي في (رجاله: ص ٣١٠) طبع إيران، والعلامة في (الخلاصة ص ١٦٤) برقم ١٧٦ - طبع النجف الأشرف.
ومما يلفت النظر. أن الشيخ الطوسي لم يذكر الشريف الرضي في (الفهرست) مع أن له مصنفات عديدة، كما أنه لم يذكره في كتاب رجاله.
وترجم له أيضا الشيخ ميثم البحراني - رحمه الله - في مقدمة شرحه لنهج البلاغة (ج ١ ص ٨٩) طبع إيران سنة ١٣٧٨، فقال - بعد ذكر نسبه -: (وصف بذي الحسبين لاجتماع أصله الفاخر الذي هو منبع الحسب مع فضيلة نفسه وكمالها بالعلم والأدب، وكان مولده ببغداد سنة ٣٥٩ ه، وتوفي في المحرم سنة ٤٠٦ ه بالكرخ من بغداد، ودفن مع أخيه المرتضى في جوار جده الحسين - عليه السلام -) وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (ج ٣ ص ٥٢٣) طبع مصر سنة ١٣٨٢ ه فقال: (محمد بن الحسين بن موسىالشريف الرضي، أبو الحسن، شاعر بغداد رافضي جلد...) وابن حجر العسقلاني ترجم له في (لسان الميزان: ج ٥ ص ١٤١) طبع حيدر آباد دكن، فقال - بعد أن ذكر كلام الذهبي المذكور -: (... وشعر محمد أجود (أي من شعر أخيه المرتضى) ويقال: إنه لم يكن للطالبيين أشعر منه، وكان مشهورا بالرفض، وذكر الخطيب (أي البغدادي) عن بعض أهل العلم بالأدب أن جماعة منهم كانوا يقولون: إن الرضي أشعر قريش، قال فسمع ذلك محفوظ الرث (الصحيح أبو الحسين بن محفوظ) فقرر ذلك وبرهن عليه، وولي نقابة الطالبيين في سنة ٣٨٨ ه، عوضا عن أبيه قبل موته، وعاش إلى سنة ٤٠٦ ه) وترجم له ابن خلكان في (وفيات الأعيان: ج ٢ ص ٢) والخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد ج ٢ ص ٢٤٦) والصفدي في (الوافي بالوفيات)، والسيد عباس مكي في (نزهة الجليس: ج 1 ص 359) والشيخ يوسف البحراني في (لؤلؤة البحرين:
ص 322) طبع النجف الأشرف، وفى كشكوله (ج 1 ص 274) طبع النجف الأشرف، وفى أكثر المعاجم الرجالية، وألف الأستاذ زكي مبارك المصري كتاب (عبقرية الشريف الرضي) طبع طبعات عديدة، كما ألف العلامة الكبير المغفور له الشيخ محمد رضا آل كاشف الغطاء كتاب (الشريف الرضي) طبع في النجف الأشرف، ومثله لعبد المسيح محفوظ.