المجاهدين من العلماء وذوي القيادة الفكرية والحنكة السياسية كالسيد الحبوبي وشيخ الشريعة والزعيمين: السيد محمد على بحر العلوم، والشيخ جواد الجواهري وله في الثورة الوطنية - ضد الانكليز - موقف الصامد الثبت في قيادة الزعيم لديني الأعلى - يومئذ - الحجة الشيرازي قدس سره.
وموقفه العقلي " المرن " في حركات سنة 1956 م حيث كان اللولب التفكيري والأداة الوحيدة بين الحكومة، والكيان العلمي في النجف الأشرف حتى هدأ الموقف " الفائر " بعض الشئ، ونضج بعض النضج، لولا بعض التطفل والفضول من هنا وهناك.
وأخيرا موقفه المشرف في العهد الشيوعي البغيض - بعد ثورة تموز - وانطلاقه الديني صارخ مع قادة الشرع الحنيف في فتواهم الحاسمة: " الشيوعية كفر وإلحاد ".
وبالجملة: لقد كان سيدنا المترجم له - قدس سره - مثالا صحيحا للعالم الديني والزعيم الاجتماعي من حيث فنائه فيما يرضي الله، وما يحقق الصالح العام حتى آخر لحظة من أنفاسه الطاهرة.
وافاه القدر الغاشم في بغداد - في المستشفى الجمهوري يوم الجمعة 27 محرم سنة 1380 ه، فكان لفقده الأثر البالغ في عامة أنحاء بغداد ونعاه الأثير، وهرعت المجموع الغفيرة لتشييعه من المستشفى إلى " جسر الخر " مشيا على الأقدام. ومن ثم توجه الركب الحزين - في السيارات - إلى " المحمودية " ومن ثم إلى " المسيب ". ومن ثم إلى كربلا، ومن ثم إلى النجف الأشرف: فهرع النجفيون - على بكرة أبيهم - في اليوم الثاني من وفاته لاستقبال أبيهم الروحي، ومركز ثقلهم الاجتماعي، فكان الموقف الجليل، والتشييع الضخم، والمواكب العزائية الحاشدة، بحيث لم يسبق له نظير إلا لتشيع مراجع التقليد العظام.