والثاني أنه يجوز وهو الصحيح لأن القرآن أقوى من السنة فإذا جاز نسخ السنة بالسنة فلأن يجوز بالقرآن أولى فصل وأما نسخ القرآن بالسنة فلا يجوز من جهة السمع ومن أصحابنا من قال لا يجوز من جهة السمع ولا من جهة العقل والأول أصح وقال أصحاب أبي حنيفة يجوز بالخبر المتواتر وهو قول أكثر المتكلمين وحكي ذلك عن أبي العباس بن سريج والدليل على ذلك من جهة العقل انه ليس في العقل ما يمنع جوازه والدليل على أنه لا يجوز من جهة السمع قوله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها والسنة ليست من مثل القرآن ألا ترى أنه لا يثاب على تلاوة السنة كما يثاب على تلاوة القرآن ولا إعجاز في لفظه كما في لفظ القرآن فدل على أنه ليس مثله فصل واما النسخ بالاجماع فلا يجوز لأن الاجماع حادث بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أن ينسخ ما يتقرر في شرعه ولكن يستدل بالإجماع على النسخ فإن الأمة لا تجتمع على الخطأ فإذا رأيناهم قد أجمعوا على خلاف ما ورد به الشرع دلنا ذلك على أنه منسوخ فصل ويجوز النسخ بدليل الخطاب لأنه معنى النطق على المذهب الصحيح ومن أصحابنا من جعله كالقياس فعلى هذا لا يجوز النسخ به والأول أظهر وأما النسخ بفحوى الخطاب وهو التنبيه فلا يجوز لأنه قياس ومن أصحابنا من قال النسخ به لأنه كالنطق فصل ولا يجوز النسخ بالقياس وقال بعض أصحابنا يجوز بالجلي منه دون الخفي ومن الناس من قال يجوز بكل دليل يقع به
(١٧٤)