وثانيا ان ما ذكرت انما يكون مرجحا، إذا كان الراويان مثلا متوافقين في سائر الجهات، واما مع اختلافهما في بعض الجهات ولو مع اتفاقهما في جهة واحدة فلا، وقد عرفت الاختلاف بين الموثقة ورواية الحذاء، وان الأولى مشتملة على قوله:
لا ضرر ولا ضرار متعقبا بالامر بالقلع، دون الثانية وهى تتضمن قوله: ما أراك يا سمرة الا رجلا مضارا، مقدما على الامر بالقلع، والمرسلة مشتملة على الجميع، وهذه قرينة على كونها بصدد نقل عامة الخصوصيات دون الروايتين، ويؤيد ذلك ما تشتمل المرسلة عليه من التفصيل والاسهاب فيما دار بين الرجل والأنصاري من الكلام، وما ترددت بينهما، وبين رسول الله من المقاولة وما تلوناه يؤيد كون المرسلة بصدد نقل تمام القضية دونهما ويؤكد اشتمال الرواية في الأصل على لفظة " على مؤمن " ويوجب تقدم أصالة عدم الزيادة على الأخرى.
وثالثا: ان ما ذكر: من أنه يمكن أن يكون منشأ الزيادة نفس الراوي لمناسبة بين الحكم والقيد ضعيف جدا، لأنه ان أريد منه ان الراوي قد أضاف القيد عمدا لمناسبة ادركها بين القيد والحكم، فهو أمر باطل لأنه يمس بعدالته وكرامته ولم يبق الطمأنينة على أمثال هذه القيود، وان أريد ان لسان الراوي أو قلمه سبق إلى الزيادة لأجل المناسبة بين المزيد والمزيد فيه ففيه انه فرع أن يكون الفرع من الأمور المرتكزة التي لا ينفك تصور المزيد فيه عن تصور المزيد ويكون كاللازم البين حتى يكون ملاكا لسبق اللسان أو القلم، والمورد ليس من هذا القبيل جدا ضرورة انه لا تسبق على الذهن كلمة " على مؤمن " عند تصور لا ضرر ولا ضرار حتى يجرى على طبقه اللسان أو القلم، وبالجملة: لو قلنا بحجية المرسلة لما عرفت من قرائن الصدق والصدور أمكن اثبات الزيادة بها ولا يضر عدم ورودها في الموثقة وقرينها (1).